[ تدور أحداث الفيلم عن مشفى سوري تحت الأرض جرى عبره إسعاف وعلاج أهل مدينة الغوطة الشرقية (مواقع التواصل) ]
أعلنت لجنة التحكيم بمهرجان تورنتو السينمائي الدولي لعام 2019 عن فوز الفيلم السوري "الكهف" (The Cave) بجائزة اختيار الجمهور لأفضل فيلم وثائقي خلال فعاليات المهرجان هذا العام، وهي الجائزة التي تذهب بناء على تصويت آلاف من الحضور في كافة فعاليات المهرجان، وهكذا مرة أخرى تثبت الأزمة السورية أنها ما زالت قادرة على جذب اهتمام العالم بشكل إنساني قبل كل شيء، حتى بعد مرور ما يقرب من تسع سنوات على اشتعالها.
مستشفى تحت الأرض
تدور أحداث الفيلم، الذي أنتجته شبكة "ناشيونال جيوغرافيك"، عن مستشفى سوري جرى من خلاله إسعاف وعلاج أهل مدينة الغوطة الشرقية أثناء القصف المتواصل الذي تعرضت له المدينة من قوات النظام السوري. أبطال الفيلم هم طبيبات وأطباء وطاقم تمريض مستشفى "الكهف" الذين خاطروا بحيواتهم من أجل إنقاذ أرواح أطفال ورجال ونساء الغوطة.
في مقدمة هؤلاء الأبطال، تظهر الطبيبة السورية الشابة "أماني" التي انتخبها طاقم المستشفى لإدارة شؤونه، وهكذا تصبح مسؤولة عن عشرات الأطباء والأخصائيين وعشرات الآلاف من المرضى.
من خلال متابعة دؤوبة للحياة اليومية في هذا المستشفى تحت الأرض، وخلال الفترة من 2016 إلى 2018، يصحبنا الفيلم إلى عالم كابوسي نعايش فيه معاناة أهل الغوطة والأفعال البطولية التي يحاولون من خلالها تجنب الموت في كل لحظة.
البحث عن الحياة
المميز بشكل خاص في هذا الفيلم هو محاولة المخرج السوري فراس فياض معاينة الجمال في أرواح أهل الغوطة حتى في أصعب اللحظات، هكذا وعلى خلاف العديد من الأفلام الأخرى التي تم تصويرها عن سوريا خلال هذه الفترة، نجد اهتماما ملحوظا من فياض بالتصوير بكاميرا ثابتة، ومحاولة خلق كادرات جمالية بحيث يسرد صناع الفيلم لنا الحكاية في العديد من الأوقات دون كلمات.
يتلخص هذا الجمال بشكل خاص في بطلة الفيلم الطبيبة أماني التي اختصها فياض بالشكر في تغريدة أعقبت الإعلان عن جوائز مهرجان تورنتو، حيث نرى من خلال الفيلم كفاحا ثلاثيا تخوضه هذه الطبيبة الشابة، أولًا معاناتها الشخصية بوصفها أحد أهالي الغوطة، وثانيا معاناتها بوصفها امرأة تعيش في مجتمع كثيرا ما تتعرض فيه للتشكيك في قدراتها، وثالثا بوصفها طبيبة أطفال أولا ثم طبيبة شابة مسؤولة عن مستشفى يعمل بشكل مكتمل تحت الأرض.
هذه المعاناة اليومية عبرت عنها الطبيبة أماني في إحدى تغريداتها التي سبقت عرض الفيلم في مهرجان تورنتو، والتي ذكّرت من خلالها العالم بمرور عام على مأساة الغوطة، والتي استخدم فيها نظام بشار الأسد أسلحة كيميائية، مما أدى لوفاة العديد من أطفال الغوطة.
الأبطال الحقيقيون
في القلب من كل هذا، فالبطل الحقيقي لهذا الفيلم هم أهل الغوطة، الذين صمدوا رغم القصف المستمر والأسلحة المحرمة دولياً، وهذا ما أكده الطبيب السوري الشاب "سليم"، وهو أحد أبطال الفيلم وأحد الأعضاء البارزين في الطاقم الطبي لمستشفى "الكهف".
هكذا إذن يتمنى الجميع أن يؤدي فوز هذا الفيلم بجائزة اختيار الجمهور من مهرجان كبير بحجم تورنتو، بالإضافة لترشيح الفيلم من قبل "ناشيونال جيوغرافيك" للتنافس في سباق الأوسكار في فئة أفضل فيلم وثائقي، إلى تأثير دولي، مما يدفع في النهاية إلى تقليل معاناة أهل الغوطة، ومن ورائهم أهل سوريا جميعا.
الجدير بالذكر أن شبكة "ناشيونال جيوغرافيك" أعلنت أن الفيلم سيعرض سينمائيا بدءا من يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول القادم، كما أن المخرج فراس فياض رشحته جائزة الأوسكار في فئة أفضل فيلم وثائقي عن فيلمه "آخر رجال حلب" عام 2017.