[ تمتد حلقات "دولار" إلى 60 حلقة وتعتمد على فنانين من دول عربية عدة لتضمن جمهورًا أكبر (مواقع التواصل) ]
بعد شهور قليلة من عرض منصة نتفليكس لأول إنتاجها في المحتوى العربي مسلسل "جن"، أطلقت مسلسلها الثاني "دولار"، الذي ينتمي لنوع الكوميديا ويضم ممثلين معروفين ليصبح رهانها الثاني مختلفًا في كثير من عناصره عن الأول.
ملتقى الفنانين العرب
مثل العديد من المسلسلات العربية التي باتت تعرض أخيرًا وتمتد حلقاتها إلى 60 حلقة وتعتمد على فنانين من دول عربية عدة لتضمن جمهورا أكبر، اعتمد رهان صناع مسلسل "دولار" على الأسلوب نفسه لنجد فريق عمل المسلسل يضم جنسيات عربية مختلفة، وراء الكاميرا لدينا المخرج السوري سامر البرقاوي والمؤلف المصري هشام هلال، وأمام الكاميرا لدينا الممثل اللبناني عادل كرم والممثلة الجزائرية أمل بوشوشة، في حين تدور الأحداث بالكامل في لبنان.
تدور أحداث المسلسل حول فكرة طريفة تسمح بصناعة الكثير من المواقف الكوميدية، مدير بنك يبحث عن حملة دعائية قوية لبنكه، فيقترح عليه أحد الموظفين أن يُطلق مسابقة يحصل من خلالها من يحمل دولارا ذا رقم مسلسل محدد على مليون دولار. طارق (عادل كرم) وزينة (أمل بوشوشة) يعلمان بأمر المسابقة مبكرًا فيبدآن في رحلة البحث عن الدولار الذي تعرف زينة أن المدير سيختاره، مما يوقعهما في العديد من المشاكل والمواقف الكوميدية.
كما ذكرنا فإن الفكرة تسمح بالكثير من المواقف، وما أسهل أن ينتقل الدولار من يد إلى أخرى في نهاية كل حلقة لنبدأ في الحلقة الجديدة مغامرة جديدة، ولكن مع مرور الوقت تفقد المغامرات تأثيرها وتصبح مملة إلى حد ما، خاصة مع توقع المشاهد أنهم لن ينجحوا في الحصول على الدولار هذه المرة أيضًا كما هي العادة.
الكثير من الصدف
بالإضافة لهذه الفكرة المتكررة، كانت هناك أزمة أخرى واجهها المسلسل، وهي المبالغة الشديدة والسذاجة أيضًا في أفكار بعض الحلقات، مثل أن نشاهد طارق يقتحم محل صرافة ليسرق الدولار في اللحظة نفسها التي تقتحم فيها عصابة المحل لسرقته، وهو الأمر الذي يمكن تمريره لو كان قد حدث في حلقة واحدة، ولكننا شاهدنا مثل هذه المصادفات والمبالغات مرات عدة خلال حلقات المسلسل الخمسة عشرة.
وبعيدًا عن أفكار الحصول على الدولار، عاب المسلسل عدم القدرة على رسم الشخصيات الثانوية بشكل مقنع، وتحديدًا شخصيتا خطيب زينة وطليقة عادل، كلاهما ظهر بشكل باهت خلال الأحداث ولم يترك أي تأثير يذكر، بل إن طليقة عادل ترميه بالكثير من التهديدات حتى يعود لها ولا نشاهدها تنفذ تهديداتها تلك لاحقًا.
في حين كان خطيب زينة هو اللغز الأكبر، فهو يظهر دائمًا بالصدفة في أسوأ توقيت ممكن، عندما يكون طارق لديها في البيت يرتبان للحصول على الدولار، أو عندما ترتدي ملابس الراقصة لتدخل إلى الملهى الليلي، دائمًا يظهر في التوقيت الخاطئ ودون مبرر على الإطلاق، لكن الأسوأ كان في محاولة تصوير زينة في بعض المشاهد وكأنها ضحية لهذا الشخص بينما كل ما نشاهده ينطق بالعكس تمامًا.
طارق وزينة
جزء من عدم اقتناع المشاهد ببراءة زينة في علاقتها بخطيبها يتوقف على الأداء التمثيلي للممثلة أمل بوشوشة، إذ كانت بعيدة تمامًا عن صناعة شخصية واضحة المعالم يمكن التعلق بها أو كرهها. من المفترض في بداية الأحداث أننا نشاهد امرأة مغرورة ومتعجرفة وتتحمل طارق على مضض، ومن المتوقع بالطبع أن تتراجع شخصيتها المتعجرفة تلك وتصبح أكثر رقة بينما تنشأ بينها وبين طارق قصة حب بالتدريج.
لكن ما قدمته أمل بوشوشة جعلنا لا نستطيع الإلمام بالشكل النهائي للشخصية حتى نهاية المسلسل، فهي تارة متعجرفة ثم حنونة ثم متعجرفة مرة أخرى ثم رقيقة ثم عصبية ثم متعجرفة، ولا نعني أن المطلوب أن تكون الشخصية أحادية البعد بالطبع، بل أن يكون هناك خط واضح للشخصية وتطورها وليس ملامح متناثرة تناسب المشهد وتحاول أن تصنع الكوميديا على حساب المنطق.
في المقابل كان عادل كرم أفضل كثيرًا، إذ اعتمد على أداءٍ هادئ وجاد طوال الحلقات، بينما ترك الكوميديا لتخرج من المواقف نفسها، ليصبح هو واحدا من أفضل عناصر المسلسل.
اعتمد "دولار" على الكثير من ضيوف الشرف الذين يظهرون في كل حلقة جديدة كأصحاب مؤقتين للدولار قبل أن ينتقل من أيديهم لآخرين، وكانت فكرة جيدة إذ تسمح بضخ دماء جديدة في كل حلقة، ولكن المستوى التمثيلي لضيوف الشرف كان متفاوتًا إلى حد كبير، ففي بعض الأحيان كان عبئًا على الحلقات مثل حلقة عصابة الهندي، وفي بعض الأحيان كان وجودهم إضافة جيدة مثل حلقة الساحر.
وهذا يؤكد أن المخرج سامر البرقاوي لم يقدم أفضل ما لديه في تحريك الممثلين، وكانت النتيجة أن كل ممثل يقدم ما يستطيع تقديمه في الشخصية.
هل أصابت نتفليكس في رهانها؟
من ناحية النوع الكوميدي ومضمون المسلسل، فإن "دولار" يبدو أقرب للمشاهد من "جن"، مسلسل خفيف يمكن الاستمتاع ببعض حلقاته ونسيان الأخرى، ولكن من ناحية الشكل ومناسبة المحتوى لنتفليكس نفسها فبالتأكيد الغلبة ستكون لـ"جن" الذي كان أفضل على المستوى التقني بشكل واضح، واعتمد على طاقم من الشباب غير المعروفين والذين ربما يكونون أقرب لمشاهد نتفليكس الذي يبحث خلال المنصة عن أعمال تختلف عن السائد أو الموجود على شاشة القنوات التلفزيونية، و"دولار" ينتمي إلى هذه النوعية الأخيرة، إذ يشبه الكثير من المسلسلات الكوميدية التقليدية، ولم يقدم جديدًا يذكر يرفع المسلسل لمرتبة مختلفة.