[ قصر محمد علي في القاهرة ]
تقول الأسطورة إنه بوفاة الأمير محمد علي -وهو نجل الخديوي توفيق، وولي عهد الخديوية المصرية لثلاث مرات- توقفت عقارب الساعة في قصره المنيف بالقاهرة عن الدوران، ومن يومها لم تتحرك قط.
يعرف سكان حي المنيل في قلب القاهرة هذا القصر الواسع المحاط بأسوار عالية وحدائق فسيحة باسم قصر الأمير محمد علي، والذي صار قبلة لعشاق تاريخ مصر الحديث بما جمعه الأمير طوال حياته من تحف وآثار من العالم العربي، ولتميزه في فن الزخرفة الإسلامية.
كان الأمير محمد علي شقيق الخديوي عباس حلمي الثاني، حيث صار وليا للعهد في فترة حكمه للمرة الأولى، وعقب خلع عباس حلمي الثاني أجبر الإنجليز الأمير محمد علي على مغادرة البلاد خوفا من شعبيته ونفوذه فذهب إلى سويسرا، ثم أصبح وصيا على العرش بعد وفاة الملك فؤاد الأول عام 1936، وتولى ولاية العهد في عهد الملك فاروق حتى العام 1951 عندما رزق الملك بابنه الأمير أحمد فؤاد الثاني.
كان معروفا عن الأمير محمد علي ثقافته الواسعة، وولعه بالعمارة الإسلامية، وعشقه للفنون وجمع التحف والآثار العربية، ولأنه لم ينجب فقد أوصى بتحويل قصره إلى متحف للزوار بعد وفاته.
بدأ تشييد القصر في 24 ديسمبر/كانون الأول 1903 على مساحة 12 كيلومترا، وأشرف الأمير بنفسه على كل تصاميمه وزخارفه حتى انتهى التشييد في عام 1937.
وفي 17 مارس/آذار 1954 توفي الأمير في لوزان بسويسرا، ودفن في مدافن العائلة المالكة "قبة أفندينا" بالدراسة في القاهرة.
تنوع العمارة
يقتبس القصر طرازه من فن العمارة الإيراني والمملوكي، وتتنوع زخارفه بين المدارس السورية والمغربية والأندلسية، وتشعر وأنت تسير في حدائقه بأنك في أحد قصور سلاطين الدولة العثمانية، لذلك يشعر الزائر بأنه ينتقل بين قصور أزهى عصور الدولة الإسلامية بين إسطنبول وإشبيلية ودمشق ومراكش، وكلها قد تجمعت في هذا القصر الفريد بقلب عاصمة المعز.
يحيط بالقصر سور خارجي عالٍ كأنه يحميه من أنظار المارة والمتطفلين، وبعد المدخل مباشرة يمكن للزائر زيارة سراي الاستقبال، بما يحتويه من قاعات على الطراز الشامي والمغربي، وغرف مخصصة للزوار من الرجال والنساء.
كما يمكن رؤية برج الساعة، ثم زيارة سراي العرش وسراي الإقامة والمسجد ومتحف الصيد، والتي ينتقل إليها خلال السير في الحديقة الواسعة العامرة بأشجار الفواكه، أما القاعة الذهبية فلا تفتح للزوار ويتم تأجيرها للحفلات الخاصة حاليا.
وتنتشر السور والآيات القرآنية على جدران القصر، كما يمكن قراءة الزخارف الأندلسية البارزة على برج الساعة، حيث نقرأ آيات البسملة وسورة النصر وسورة الكوثر، وفي قمة البرج ساعة مماثلة للساعة الموجودة بمحطة مصر (محطة قطارات ميدان رمسيس في قلب القاهرة)، مع الفارق أن عقارب هذه الساعة تتخذ شكل الثعبان.
متحف الصيد
وأضيف متحف الصيد إلى القصر عام 1963، لعرض مجموعة من الحيوانات من أنحاء أفريقيا وآسيا وغيرها من دول العالم التي اصطادها أمراء أسرة محمد علي أو أهديت إليهم، ويضم المتحف أكثر من 1100 قطعة محنطة من الحيوانات، تتنوع بين الأسود والضباع والغزلان والماعز والقطط البرية والطيور.
الترميم
عقب ثورة يوليو/تموز 1952 تم تأميم أملاك أسرة محمد علي باشا، ومن بينها قصر الأمير محمد علي، وتسلمت الشركة المصرية للسياحة والفنادق القصر عام 1964، لتشيد فندقا في حديقة القصر باسم "فندق قصر المنيل"، وهو عبارة عن شاليهات خشبية بارتفاع طابقين.
وفي العام 1991 أصدر مجلس الوزراء قرارا بتسليم حديقة القصر لإدارة المتحف ليتم هدم الشاليهات.
وفي عام 2015 وبعد عشرة أعوام من إغلاقه، عاد القصر ليفتح أبوابه للزوار، بعد أن خضع لعملية ترميم شاملة، أهمها تركيب السقف الأثري في سراي العرش، ويلاحظ الزائر اليوم إغلاق بعض غرف القصر أمام الزوار بعد ترميمها حرصا على سلامتها.
ويبلغ سعر تذكرة الزيارة للطلبة المصريين خمسة جنيهات، وترتفع إلى عشرين جنيها لغير الطلبة، كما تسمح إدارة المتحف بالتصوير الفوتوغرافي مقابل عشرين جنيها، مما يجعل القصر هدفا لمحبي التصوير وهواة التقاط الصور التذكارية.