[ فنانو الكاريكاتير العرب وهمومهم في مهرجان ببلجيكا ]
ضم معرض للكاريكاتير في مدينة تورنهوت البلجيكية خمسين رسما كاريكاتيريا تعبر عن أبرز الهموم والمشكلات التي تعانيها المجتمعات العربية، وتتناول بعض الرسومات موضوعات الدكتاتورية وحرية التعبير، وتعالج أخرى قضايا حقوق المرأة بالعالم العربي وهموم اللاجئين وأهوال الحرب وسواها.
26 فنانا، من بينهم: السوداني خالد البيه، والسوريان ياسر أحمد ومرهف يوسف، والفلسطينيان عماد حجاج وهاني عباس، والبحرينية سارة قائد، والأردني عمر عبد اللات، والعراقي ميثم راضي، والمصريون دعاء العدل ومحمد أنور المصري وإسلام جاويش، والبلجيكي لوك دي سيميكر، والإيراني كيانوش رامازيني، والفرنسي برنارد بوتان؛ تحاورت أعمالهم وتجاورت في الدورة الثانية من "مهرجان الكاريكاتير العربي"، الذي ينظمه "بيت الثقافة" في مدينة تورنهوت.
وعلى سبيل المثال، طُبع عمل الفنان هاني عباس الذي يصور فيه قلميْ رصاص بممحاتين يعتقلان "زميلا" لهما، قلمَ رصاص مدبب (في تعبير عن أن الأقلام تنقسم إلى اثنين، قلم حر يعترض ويكتب، وآخر يمحو ويعتقل ويأخذ دور الرقيب)، إلى جوار عمل السعودي عبد الله جابر الذي يصور معنى الرأي والرأي الآخر بحسب وجهة نظر الرسام، حيث الرأي طائر صغير، فيما الرأي الآخر مجرد بقعة دم وريشتين مما تبقى من جسد الطائر الآخر، في لوحة ما أجملها في وصف قمع حرية التعبير. وفي أسفل اللوحتين مقتطف من خطاب لفراكلين روزفلت عن الحرية.
هاني عباس قال للجزيرة نت "إن طريقة عرض الأعمال الفنية هي فن بحد ذاتها، كما يمكن أن تضيف للعمل الفني في بعض الأحيان جمالية خاصة ورمزية معينة. كثير من المعارض حول العالم باتت تنحى للخروج عن التقليدية في عرض الصور أو اللوحات، إلى حد أنه أحيانا تطغى طريقة العرض على المعروض نفسه". وأوضح عباس بخصوص معرض تورنهوت أن "طريقة العرض، وكذلك الإخراج والطباعة هنا ساهمت في تحويل الجدران إلى ما يشبه صفحات كتاب كاريكاتير".
وقد أرفقت نصوص عديدة مع الأعمال، تشرح أو توازي اللوحة من دون تعليق مباشر. نصوص عن الحرية وأخرى عن الحب والمرأة ومكانتها، من بينها مقتطفات من خطاب شارلي شابلن في فيلم "الدكتاتور العظيم"، ونصوص من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ما يتعلق منها باللاجئين خصوصا.
اللوحات التي تسخر من الدكتاتورية أخذت حيزا كبيرا من المعرض، فقد بدت هذه كما لو أنها العدو رقم واحد لرسامي الكاريكاتير في صراعهم اليومي من أجل حرية القول والرسم والتعبير. تعرض لوحة حكم الواهب على نحو ساخر أربعة شخصيات هي علي خامنئي وبشار الأسد وفلاديمير بوتين وحسن نصر الله.
ويصور عبد الله العمري في لوحة بعنوان "الطاغوت" مجموعة من زعماء العالم -أوباما وترمب وبوتين وميركل وبشار الأسد وسواهم- يقفون بحال رثة في طابور اللاجئين.
وحظي دونالد ترمب بنصيب كبير من التهكم، حيث قدمت أكثر من لوحة للسوداني خالد البيه صورة هزلية له، وظهر على هيئة هلتر في لوحة البلجيكي سخايماكر.
ولوحة الأردني أمجد رسمي تصور تمثال الحرية مغادرا أميركا أثناء الانتخابات الأميركية، حيث أعلن كثير من الأميركيين رغبتهم في الهجرة وطلب اللجوء فيما لو أصبح ترمب رئيسا.
لكن لوحة فارس قره بيت جاءت لتحمل المفارقة الأبرز في تصريحات ترمب، وهو يقف أمام الهندي الأحمر صاحب الأرض الأصلي في الولايات المتحدة، مشيرا له بعبارة "go homme" (عد إلى بلدك)! في تهكم واضح من سلسلة قرارات ترمب بحق المهاجرين واللاجئين إلى الولايات المتحدة.
اللاجئون كان لهم نصيبهم من الأعمال، كرسم هاني عباس مركب لاجئين في عرض البحر، أو عمل البحرينية سارة قائد الذي يصور الهدايا النازلة على مخيم للاجئين، ليظهر أنها ليست سوى هدايا افتراضية، "لايكات" وقلوب حب، لا تسمن ولا تغني من جوع.
وكان عدد من الفنانين المشاركين (عماد حجاج، سارة قائد، خالد البيه) حضروا إلى المدينة وأقاموا ورشات عمل لمتدربين بفن الكاريكاتير، وشاركوا في الحوار السنوي مع رسامي كاريكاتير من بلجيكا وفرنسا حول موضوعات التطرف وحرية التعبير والهجرة والتغييرات الديمغرافية.