لا يقتصر الحضور العربي في هوليوود على صناعة السينما، كما أنه لا يبقى أسير التمثيل فقط. فمنذ سنين عديدة، يعمل عربٌ كثيرون، في التمثيل والإخراج والإنتاج والتقنيات الخاصّة بالفن السابع، كما في مسلسلات وبرامج تلفزيونية متنوّعة، بالإضافة إلى فنونٍ أخرى، كالغناء والموسيقى.
وفي مقابل كون هؤلاء، المقيمين في الولايات المتحدّة الأميركية، يتحدّرون من أصول عربية، هم الذين ولدوا فيها؛ هناك عربٌ يعملون في بلادهم، ويُقيمون فيها، ويشاركون ـ بين وقتٍ وآخر ـ في مسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائيّ. وإذا كان عمر الشريف (1932 ـ 2015)، مثلاً، أبرز عربيّ له حضور فاعل وأساسيّ في حركة التمثيل الأميركي (والأوروبي أيضاً)، هو المولود في الإسكندرية، والمنطلق في عالم التمثيل السينمائيّ في القاهرة؛ فإن السوري مصطفى العقّاد (1930 ـ 2005) يُعتبر أحد صنّاع أفلام التشويق في هوليوود، كمنتجٍ (له سلسلة "هالوين"، إلى جانب إنتاجات أخرى)، بعد تجربتين في الإخراج: "الرسالة" (1976) و"أسد الصحراء" (1981)، هو المولود في حلب، والمتوفى في عمّان إثر اعتداء إرهابيّ على أحد فنادقها.
إلى جانب عمر الشريف، كممثل بارزٍ في إنتاجات غربيّة مختلفة، هناك المصري جميل راتب (1926)، الذي لم يهاجر إلى الغرب، مكتفياً بمشاركته التمثيلية في أفلامٍ وأعمال تلفزيونية ومسرحية أوروبية، بالإضافة إلى أفلام عربية غير مصرية (تونس تحديداً).
هذه أمثلة تعود إلى سنين قديمة، لكنها لا تلغي حضوراً عربياً متنوّع الأشكال في عاصمة الفن السابع. فإلى جانب العقّاد، هناك المنتج اللبناني الأصل ماريو قصّار (بيروت، 1951)، الذي ارتبط اسمه، في بدايات مساره المهني، بالمنتج الأميركي، المجري الأصل، أندرو فانيا (1944)، والذي عرف شهرته بإنتاج أفلام Rambo وTerminator وUniversal Soldier وغيرها.
هذا جيلٌ قديم. الألفية الثالثة تزخر بأسماء ممثلين هوليووديين، ذوي أصول عربية، كوينتوورث ميلر ورامي مالك، اللذين يُشكّلان، معاً، صورة "جيل جديد" من ذوي الأصول العربية في أميركا. فرغم مشاركاتهما السينمائية في أفلامٍ مختلفة، يغلب عليها الطابع التجاريّ، علماً أن للثاني أدواراً متحرّرة من وطأة الإنتاجات الضخمة، كـ Larry Crowne (2011) لتوم هانكس، وThe Master لبول توماس أندرسن، وOld Boy لسبايك لي؛ إلا أن شهرتهما الفعلية متأتية من أدوارٍ تلفزيونية، يبقى بعضها أساسياً في بلورة حضورهما الدولي.
ذلك أن ميلر ـ المعروف بإطلالاته في حلقات قليلة في مسلسلات عديدة، آخرها Dr House (2011)، الذي ظهر في حلقته الـ 3 من موسمه الـ 8 ـ يستمرّ في مسلسلي Flash (منذ عام 2014) وLegends Of Tomorrow (منذ عام 2016)، علماً أن له دوراً أول في Prison Break بمواسمه الـ 4، الذي يستمرّ في شكل سلسلة تلفزيونية مستقلّة (9 حلقات)، تبدأ عروضها في 4 أبريل/ نيسان 2017، على شاشة "فوكس". أما مالك، المُشارك في Night At The Museum بأجزائه الـ 3 (2007 و2009 و2015) لشاون ليفي، فلا يزال يؤدّي شخصية إليوت أندرسن (الخبير في شؤون المعلوماتية والعالم الافتراضي) في Mr Robot، الذي ابتكره سام إسماعيل عام 2015.
وإذْ يتحدّر رامي مالك من أصول مصرية، هو المولود في لوس أنجليس عام 1981؛ فإن وينتوورث ميلر، المولود في "أوكسفوردشاير" في إنكلترا عام 1972، يؤكّد ـ في حوار صحافي ("لو باريسيان"، 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2006) أن له أصلاً عربياً: "لوالدتي أصول روسية، وسورية لبنانية، وألمانية فرنسية. إحدى خالاتي أخبرتني أن للعائلة صلة قربى بضابط فرنسي (حارب أثناء الحرب العالمية الأولى). لوالدي دم إنكليزي ألماني جامايكي. له جذر أسود، ومتّصل بالهنود الحمر أيضاً".
بالإضافة إليهما، هناك ممثلون متحدّرون من أصول عراقية وسورية ومغربية وفلسطينية. ذلك أن تقارير صحافية وإعلامية غربية أشارت إلى أن ميشال نوري، مثلاً، مولودٌ في واشنطن عام 1945 لأب عراقي (آخر أفلامه: The List)؛ وأن جيجي حديد، إحدى نجمات "تلفزيون الواقع"، وعارضة أزياء أميركية، هي ابنة رجل الأعمال الفلسطيني محمد حديد؛ وأن مغنّي الـ "راب" الأميركي فرانش مونتانا، الذي ارتبط بعلاقة حبّ مع إحدى صبايا عائلة كردشيان، مولودٌ في كازابلانكا المغربية عام 1984 باسم كريم خربوش؛ وأن جيري ساينفيلد، المولود في بروكلين عام 1954، هو ابن سيدة سورية، غادرت حلب مع أهلها إلى الولايات المتحدّة الأميركية، واقترنت بيهودي أوكراني هو والد الفكاهيّ المعروف.
بالعودة إلى التمثيل، فإن ألكسندر صدّيق بدأ المشاركة في أفلام سينمائية وأعمال تلفزيونية عام 1987، هو المولود في السودان (1965)، وابن شقيقة الممثل الإنكليزي مالكوم تايلور، وابن شقيق صادق المهدي، رئيس الوزراء السوداني لفترتي 1966 ـ 1967، و1983 ـ 1986. صدّيق يُعتبر أحد أبرز الممثلين العرب في هوليوود، بفضل مشاركاته المتنوّعة في أعمال، بعضها محمَّل بمواضيع سياسية اقتصادية إنسانية، كـ Syriana (2005) لستيفن غاغان، وKingdom Of Heaven (2005) لريدلي سكوت؛ وبعضها الآخر منتمٍ إلى الخيال العلمي (Star Trek – TV).
قبله، برز الممثل توني شلهوب، اللبناني الأصل، المولود في ويسكنسن عام 1953، إذْ يُعتبر Heartburn (1986) لمايك نيكولز من أوائل أعماله المهنية. معه، ظهر ف. موراي أبراهام، المولود في بنسلفانيا عام 1939، من أبٍ آشوريّ وأم إيطالية. وهما يُذكّران بممثلين فرنسيين متحدّرين من أصول مغاربية: كالجزائري الأصل طاهر رحيم (1981) ورشيد بوشارب (1953)، والمغربيي الأصل سعيد طغماوي (1973) ورشدي زيم (1965) ـ علماً أن لطغماوي حضوراً سينمائياً مهمّاً في هوليوود أيضاً. هناك التونسي الأصل سامي بوعجيلة (1966).
تطول اللائحة. لكن، لا يُمكن التغاضي عن المشاركات التمثيلية في الغرب لعربٍ مقيمين في بلادهم، كالسوري غسان مسعود (1958)، والمصري عمرو واكد (1972)، واللبنانية نادين لبكي (1974)، والفلسطينيين هيام عباس (1960) وصالح بكري (1977) وعلي سليمان (1977). أما اللبناني عمر نعيم (1977)، فحقَّق أفلاماً سينمائية عديدة، أبرزها Final Cut (2004)، مع روبن ويليامز (1951 ـ 2014).