على المستوى الرسمي والشعبي، برزت قطر في مقدمة الدول المتضامنة مع المنكوبين جراء الزلزال العنيف الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا، وأسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.
فبمجرد وقوع الزلزال، سارعت الدوحة لتقديم التعازي وفتح قناة تواصل مباشر على أعلى مستوى مع أنقرة، وتدشين جسر جوي لمساعدة الشعبين التركي والسوري.
كما أعلنت المنظمات الإغاثية والخيرية القطرية إطلاق حملات عاجلة لجمع التبرعات ودعم المنكوبين في كل من تركيا وسوريا وإمدادهم بالمساعدات والمستلزمات اللازمة.
وشملت المساعدات التي قدمتها قطر، فرق إنقاذ للبحث عن العالقين تحت الأنقاض، وخيام ومستلزمات طبية، وأدوات للتدفئة ومواجهة الطقس البارد، إضافة إلى المواد الغذائية اللازمة للناجين.
وفي 6 فبراير/ شباط الجاري، شهدت ولاية قهرمان مرعش التركية (جنوب) وقوع زلزالين الأول بقوة 7.7 درجة، والثاني بعد ساعات بقوة 7.6 درجة.
وخلف الزلزالان دمارا في مرعش والولايات المجاورة، وهي غازي عنتاب، وشانلي أورفة، ودياربكر، وأضنة، وأدي يامان، وعثمانية، وهطاي، وكيليس، وملاطية.
** اهتمام أميري
وتنفيذا لتوجيهات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تحركت الأجهزة والمؤسسات المعنية لتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لمواجهة كارثة الزلزال وتداعياتها.
ففي اليوم الأول للزلزال، انطلقت أولى رحلات الجسر الجوي الذي خصصته قطر لدعم تركيا وسوريا.
وحملت الرحلة، فريقا من مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية، التابعة لقوة الأمن الداخلي (لخويا)، مجهز بآليات متخصصة بعمليات البحث والإنقاذ.
كما حمل الجسر الجوي، مستشفى ميدانيا متكاملا، ومستلزمات طبية، ومساعدات إغاثية، وخيما وأدوات تدفئة، إضافة إلى 12 سيارة على متن أربع طائرات.
والجمعة، تبرع أمير قطر، بـ50 مليون ريال قطري (14 مليون دولار) لصالح متضرري الزلزال، ضمن حملة تبرعات على التلفزيون القطري.
كما بحث وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، سبل تنسيق الجهود الدولية لعمليات الإنقاذ والإغاثة وإيصال المساعدات لتركيا وشمال سوريا.
ومساء اليوم نفسه، أضاءت قطر معالم عاصمتها الدوحة، بألوان العلم التركي تضامنا مع ضحايا الزلزال.
والأحد، أجرى أمير قطر زيارة إلى إسطنبول، للتضامن مع "الأشقاء" بعد زلزالي تركيا وسوريا، في أول زيارة لزعيم أجنبي إلى تركيا منذ وقوع الزلزال.
وعقب الزيارة، أعلن عدد من المؤسسات الرسمية والخيرية القطرية، تقديم ونقل مساعدات إغاثية عاجلة إلى الشعبين التركي والسوري.
إذ أعلنت الخطوط الجوية التركية في بيان، أنها نقلت 46 طنًا من المساعدات الإنسانية القطرية إلى ولاية أضنة لتوزيعها على ضحايا الزلزال.
كما أعلنت السفارة التركية بالدوحة، جاهزية 10 آلاف منزل، سيجري نقلها تدريجيا من قطر إلى المناطق المتضررة من الزلزال في أقرب وقت.
وأعلن صندوق قطر للتنمية (حكومي) تقديمه دعما لعمليات الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء" المستمرة، لإنقاذ وإغاثة ضحايا الزلزال في سوريا.
** مجموعة البحث والإنقاذ
والجمعة، نجح فريق البحث والإنقاذ القطري، في انتشال طفل عمره 12 عاما، من تحت أنقاض مبنى منهار جراء الزلزال بولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا.
وقالت السفارة التركية في قطر عبر تويتر: "تمكن فريق بحث وإنقاذ قطري كان يعمل في منطقة نورداغ التابعة لمحافظة غازي عنتاب من إنقاذ طفل يبلغ من العمر 12 عاما كان عالقا لساعات طويلة تحت الأنقاض".
ومنذ اليوم الأول، تواصل فرق مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية، مهامها في تنسيق عمليات فرق البحث والإنقاذ للمنظمات الدولية في محافظة غازي عنتاب التركية، وتعد المجموعة نقطة الاتصال الرئيسية في المنطقة.
وتتولى مجموعة البحث والإنقاذ القطرية المهمة بناء على تكليف من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".
وتتمتع المجموعة القطرية بخبرات في عمليات الإجلاء والإنقاذ جراء الكوارث والأزمات المشابهة التي وقعت حول العالم.
** الهلال الأحمر القطري
وبالتنسيق بين الأجهزة المعنية في الدوحة، ونظيرتها في تركيا، أطلق الهلال الأحمر القطري، حملة إغاثة عاجلة لصالح المتضررين من الزلزال في تركيا والشمال السوري.
وعقب الزلزال، فعّل الهلال الأحمر القطري غرفة عمليات في مقره الرئيسي للاستجابة العاجلة للكارثة، كما أطلق حملة إغاثية عاجلة لتوفير مساعدات إنسانية بقيمة 10 ملايين دولار أمريكي للمنكوبين.
ويركز الهلال الأحمر القطري على توفير الاحتياجات الضرورية في هذه المرحلة، وبالأخص المواد الغذائية وغير الغذائية، مثل الخيم، والبطانيات، والعوازل البلاستيكية، وحزم النظافة الشخصية.
وأهاب الهلال الأحمر بالمجتمع القطري ومؤسساته وأفراده التحرك على نحو عاجل، وتلبية النداء من أجل إغاثة الأشقاء المتضررين من الزلزال.
وكان الهلال الأحمر القطري من أول المنظمات التي وصلت إلى الشمال السوري، إذ بدأت كوادره الميدانية، الثلاثاء، توزيع الدفعة الأولى من المساعدات الإغاثية العاجلة، بإجمالي 4800 سلة غذائية لفائدة الأسر الأكثر تضررا.
** قطر الخيرية
كما باشرت الفرق الميدانية التابعة لهيئة قطر الخيرية، توزيع المساعدات الإغاثية العاجلة على المتضررين من الزلزال، بالتزامن مع إطلاقها حملة إغاثية عاجلة بعنوان "أغيثوا متضرري الزلزال- تركيا وسوريا".
وعقب الزلزال، ذكرت قطر الخيرية، أنه استجابة للاحتياجات الإنسانية العاجلة، تم البدء مباشرة في توزيع 27 ألف وجبة غذائية ساخنة على المتضررين من الزلزال مناصفة ما بين الداخل السوري وتركيا.
وذكرت الهيئة، في بيان لها، أن قافلة تابعة لها تحركت من الدوحة نحو المناطق المتضررة تحتوي على 4 شاحنات، تتضمن مستلزمات طبية وإسعافات أولية وملابس وتمورا ومواد غذائية.
وأضاف البيان، أنها تعد خطة بقيمة 21.9 مليون ريال (6 ملايين دولار) تشمل استجابة عاجلة بقيمة 7.3 ملايين ريال (2 مليون دولار)، ومشاريع إنعاش مبكر وإعادة الإعمار بقيمة 14.6 مليون ريال (3 ملايين و800 ألف دولار).
كما شحنت قطر الخيرية عبر الجسر الجوي الذي سيرته دولة قطر، 13 طنا من المواد الغذائية، وقرابة 4 آلاف بطانية.
** عون وسند
وتجاوبا مع موقف قطر المساند للشعبين السوري والتركي، دشنت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية (حكومية) حملة "عون وسند" العاجلة، لإغاثة المتضررين في البلدين.
وتأتي الحملة بالشراكة مع كل من "هيئة قطر الخيرية" و"الهلال الأحمر القطري"، وبالتعاون مع المؤسسة القطرية للإعلام (ممثلة في تلفزيون قطر).
وتهدف الحملة التي ما زالت مستمرة، إلى تلقي تبرعات المجتمع القطري لأشقائه في محنتهم، لإرسال مساعدات تغطية احتياجات الصحة والإيواء والأمن الغذائي والمواد غير الغذائية الأخرى.
وتمكنت الحملة من جمع 168 مليون ريال (46 مليون دولار) عبر استقبال التبرعات للمتضررين من الزلزال على الهواء مباشرة على تلفزيون قطر.
وبدأت قوافل الدعم التابعة لهيئة تنظيم الأعمال الخيرية، بالشراكة مع قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري، تصل تباعا إلى تركيا والداخل السوري.
** مبادرات اجتماعية
وبجانب الموقف الرسمي والعمل الإغاثي قام العديد من الشركات الخاصة والأفراد بمبادرات تهدف إلى دعم ضحايا الزلزال في تركيا وسوريا.
فقد خصصت الشركات والمطاعم جزءا من إيراداتها ومدخولها للمتضررين في تركيا وسوريا.
كما يواصل المركز الثقافي التركي في قطر تلقي المساعدات العينية الموجهة للمتضررين من الزلزال في تركيا وسط إقبال كبير من المتبرعين.
والجمعة، قالت السفارة التركية لدى الدوحة، إنه "تم إرسال أول مجموعة من المساعدات وحجمها 5 أطنان عبر الخطوط الجوية التركية لإيصالها للمستحقين".
وبعد الإقبال الشديد على تقديم المساعدات العينية قامت السفارة بتمديد قبول التبرعات حتى 15 فبراير/ شباط الجاري.
وبالتعاون مع الهلال الأحمر القطري، أعلنت السفارة التركية الثلاثاء، قبول مساعدات عينية ضمن احتياجات عاجلة مطلوب إرسالها إلى تركيا "في أسرع وقت" عبر طائرات الخطوط الجوية التركية.