نشر "مركز دراسات الشرق الأوسط" تقييما لقرار الإخوان المسلمين الانسحاب من الميدان السياسي، على ضوء التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد الإخوان، وقال فيها؛ إنهم لن يخوضوا صراعا على السلطة، وهو ما فسرته وسائل الإعلام الدولية على أنه إعلان عن الانسحاب من الساحة السياسية.
وقال المركز في تقرير له، إن الحركة شهدت خلافات داخلية لفترة طويلة وساهمت أزمة القيادة التي واجهتها الحركة السنة الماضية إلى حد كبير في إضعاف قدرة الحركة على المناورة على الساحة السياسية، وأحدث خللا في طريقة عمل أعضائها بعد اعتقال عدد من قياداتها بعد الانقلاب، لتزداد بذلك الشكوك حول مستقبل الحركة.
حالة عدم اليقين
وأدت العودة إلى القوانين الاستبدادية في مصر بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس الراحل، محمد مرسي واستيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة في 3 تموز/ يوليو سنة 2013، إلى مواجهة أقوى هيكل سياسي مدني في البلاد في أزمة وجودية خطيرة.
وأطلق نظام السيسي عملية تصفية ممنهجة لقادة الحركة والمنتسبين لها بعد تصنيفها "منظمة إرهابية" في سنة 2014. ونتيجة لذلك، اعتقل عناصر بارزون من قيادات الحركة، وصدرت في حق عدد كبير منهم أحكام قاسية، بما في ذلك الإعدام.
وبعد مرور أكثر من تسع سنوات على الانقلاب، يظهر عجز الحركة عن إيجاد حل للمشاركة في السياسة، في ظل ما تواجهه من حظر وقيود أن الإخوان عاجزون عن التكيف مع الوضع الحالي، من خلال تجديد صفوفهم وتفعيل إمكاناتهم السياسية والاجتماعية، رغم مع ما تحظى به الحركة من تأييد شعبي.
وذكر الموقع أن جماعة الإخوان المسلمين تمر حاليا بأضعف مرحلة في تاريخها، وقد أدت سياسة السيسي القمعية تجاه الإخوان في أعقاب الانقلاب دورا كبيرا في ذلك. وفي الوقت الحالي، من الجلي أن الإخوان يواجهون العواقب الكارثية لغياب استراتيجية مستدامة، خاصة على مستوى القاعدة الاجتماعية.
وقد أثار اعتقال محمود عزت، الذي تولى منصب المرشد العام بعد اعتقال محمد بيدي، في أيلول/ سبتمبر 2020، خلافات داخل الحركة. كما أدى تعيين إبراهيم منير، المقيم في لندن منذ سنوات عديدة، رئيسا لمجلس الشورى، وحقيقة أن المنظمة ستدار من قبل شخص من الخارج - لأول مرة - إلى فقدان الاتصال مع أنصارها وزعزعة التماسك بين قادة المنظمة وفروعها.
وأضاف المركز أن إبراهيم منير حاول اتباع سياسة أكثر حذرا في مواجهة التطورات السياسية الحالية، إلا أن هذا النهج تسبب في اضطرابات داخل الحركة. وموقف منير المتردد بشأن اتخاذ موقف سياسي فاعل، لم يجد صدى له بين أعضاء الحركة الذين طالبوا بتوضيح موقف الإخوان ضد نظام السيسي. كما امتنع منير عن اتخاذ موقف مباشر بشأن التقارب بين تركيا ومصر، مكتفيا بتأكيد ضرورة احترام تفضيلات تركيا.
هل ينسحب الإخوان من الساحة السياسية؟
بالنظر إلى تجربة الإخوان في سنة 2021، من الواضح أن الحركة ستفقد طابعها الأصلي إلى حد كبير ما لم يتم اتخاذ إجراءات جادة وإرساء تغييرات جذرية. واستنادا إلى محتوى المقابلة التي أجراها إبراهيم منير مع وكالة رويترز، يمكن القول إن جماعة الإخوان المسلمين غير قادرة حتى على إظهار الإرادة اللازمة لإحداث تغيير جذري.
وتأسست جماعة الإخوان المسلمين على يد حسن البنا في سنة 1928 كهيكل غايته زيادة وعي المجتمع في الإسماعيلية، لكنها تحولت إلى كيان سياسي له مكانته على الساحة السياسة المصرية منذ منتصف الثلاثينيات. وقد اكتسبت الحركة مكانة بفضل الأجندة السياسية وتحركاتها واستراتيجيتها، لتصبح أقوى وأوسع تكوين اجتماعي في الحياة السياسية المصرية، رغم كل ما واجهته من قيود وضغوط.
بالنظر إلى كونها حركة سياسية رائدة وأهم ممثل للتقاليد الإسلامية، من غير المرجح أن تنسحب حركة الإخوان المسلمين من الساحة السياسية، لكن من المتوقع أن يؤدي موقف إبراهيم منير إلى تسريع الانقسامات داخل الحركة.
*ترجمة عربي21