جدد الفلسطينيون تحذيراتهم للاحتلال الإسرائيلي من مغبة السماح للجماعات اليهودية المتطرفة بتنظيم ما تسمى مسيرة الأعلام عبر البلدة القديمة في القدس يوم الأحد المقبل، في حين تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أحدث توصيات المؤسسة الأمنية بشأن المسيرة ومسارها.
وحذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاحتلال الإسرائيلي بأنه يخاطر باندلاع حرب جديدة، إذا سمح لمسيرة الأعلام بالمرور بقلب البلدة القديمة في القدس.
وقال باسم نعيم رئيس دائرة السياسة والعلاقات الخارجية في حركة حماس بقطاع غزة، في تصريحات لوكالة رويترز "أتوقع أن حماس والفصائل الأخرى مستعدة لبذل كل ما في وسعها لمنع هذا الحدث بغض النظر عن التكلفة".
ودعا نعيم حكومات العالم للضغط على إسرائيل حتى تغير مسار المسيرة، وأضاف "القرار بيد الإسرائيليين والمجتمع الدولي. يمكنهم تجنب الحرب والتصعيد إذا أوقفوا هذه المسيرة المجنونة".
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان إنها تحذر من استمرار "التحشيد الممزوج بخطاب الكراهية والعنصرية الذي تقوم به الجماعات اليهودية المتطرفة لتجميع أكبر عدد ممكن من المتطرفين اليهود للمشاركة في مسيرة الاحتلال".
وأوضحت الخارجية الفلسطينية أنها تنظر إلى مسيرة الأعلام وتلك الحشود العسكرية على أنها اعتراف إسرائيلي رسمي بأن القدس محتلة، كما وصفت المسيرة بأنها "محاولة لتصدير أزمات هذه الحكومة إلى الجانب الفلسطيني وعلى حساب الحقوق الفلسطينية".
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ -في تغريدة على تويتر- إن مسيرة الأعلام الإسرائيلية، واستباحة المستوطنين للأراضي الفلسطينية، واستمرار القتل والهدم والاعتقال والاستيطان، أمور تنذر بالدخول في مرحلة جديدة من المواجهة مع الاحتلال.
وفي وقت سابق، قالت الرئاسة الفلسطينية في بيان إن الفلسطينيين قادرون على حماية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية كما فعلوا في قضية البوابات وصفقة القرن.
وحمّلت الرئاسة الفلسطينية حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن التصعيد عبر مسيرة الأعلام المرتقبة، محذرة من أنها ستؤدي إلى تفجير الأوضاع.
مسار المستوطنين
يأتي ذلك في وقت رفعت فيه الشرطة الإسرائيلية حالة التأهب في صفوفها، واستدعت قوات احتياط لتأمين مسيرة الأعلام، إذ نشر المتحدث باسم شرطة الاحتلال خريطة لمسار هذه المسيرة، ويظهر مرورها بباب العامود في البلدة القديمة من القدس المحتلة.
وأمر قائد شرطة الاحتلال كوبي شبتاي بنشر أكثر من 3 آلاف من رجاله في القدس الشرقية المحتلة، ومئات آخرين داخل ما توصف بالمدن المختلطة، في حين نشر الجيش الإسرائيلي منظومة القبة الحديدية قرب الحدود مع قطاع غزة تحسبا لرد فعل من المقاومة على خلفية مسيرة الأعلام، وفق ما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.
ونقلت يديعوت أحرونوت عن قائد الشرطة الإسرائيلية في دائرة القدس دورون ترغمان أنه بدءا من اليوم الخميس تنشر الشرطة عناصرها سواء بالزي الرسمي أو المدني وكذلك عناصر حرس الحدود في أرجاء البلدة القديمة والحرم القدسي وغيرها من النقاط المتوترة في القدس.
وحسب الصحيفة، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في توصياتها الأخيرة حذرت القيادة السياسية من تغيير مسار مسيرة الأعلام في اللحظة الأخيرة، وهو ما يشير حتى الساعة إلى توجه أمني للاستجابة لرغبات الجماعات اليهودية المتطرفة في مرور المسيرة من باب العامود وعبر الحي الإسلامي في البلدة القديمة وصولا إلى حائط البراق.
وذكرت صحيفة معاريف أن الجيش الإسرائيلي ينقل سريتين من حرس الحدود من الضفة الغربية إلى القدس لتأمين مسيرة الأعلام.
وأوضحت شرطة الاحتلال اليوم الخميس في تغريدة على تويتر أنها لن تسمح للمسيرة باقتحام ساحات المسجد الأقصى، نافية ما وصفتها بالأنباء الكاذبة المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
طلب أميركي
في غضون ذلك، أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت أن مسؤولين أميركيين طلبوا من نظرائهم الإسرائيليين إعادة النظر في مسار مسيرة الأعلام المزمعة.
وقد حثت السفارة الأميركية في القدس المحتلة مواطنيها على توخي الحيطة، محذرة موظفي الحكومة الأميركية وعائلاتهم "من دخول البلدة القديمة في أي وقت يوم الأحد"، وفقا لبيان صدر أمس الأربعاء.
وتنظم هذه المسيرة التي تسميها الجماعات المتطرفة أيضا "رقصة الأعلام"، فيما يعرف بـ"يوم القدس" الذي تحيي فيه إسرائيل ذكرى احتلالها الشطر الشرقي من القدس عام 1967، استكمالا لاحتلالها المدينة والسيطرة على الأماكن المقدسة فيها.
ونظمت المسيرة لأول مرة عام 1968 على يد الحاخام يهودا حزاني، وتحولت إلى تقليد سنوي.
وتجبر قوات الاحتلال الفلسطينيين على إغلاق محالهم التجارية بالتزامن مع مرور المسيرة من البلدة القديمة، والتي يعتدي المشاركون فيها بشكل استفزازي على بيوت ومحال الفلسطينيين ويطلقون شعارات "الموت للعرب" ويرقصون حاملين الأعلام الإسرائيلية.
وفي العام الماضي، وتحت تهديد المقاومة الفلسطينية، اضطرت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو لمنع مرور المسيرة عبر باب العامود وحوّلتها إلى باب الخليل بحيث تسلك مسارا أقصر يتجنب المرور بالحي الإسلامي.
لكن المقاومة الفلسطينية أطلقت دفعة من الصواريخ صوب القدس، وهو ما أجبر أجهزة الأمن الإسرائيلية على تفريق المسيرة فورا، واندلعت على إثر ذلك معركة "سيف القدس" وفق التسمية الفلسطينية أو ما تسميها إسرائيل "حارس الأسوار".
وعقب انتهاء الحرب على غزة أعيد تنظيم مسيرة الإعلام يوم 15 يونيو/حزيران الماضي وفق مسارها التقليدي، وهو ما وصف بأنه أول قرار مهم للحكومة الجديدة برئاسة نفتالي بينيت، إذ مرت المسيرة من باب العامود وسط توتر شديد.
وقرر الاحتلال هذا العام تنظيم المسيرة بمسارها التقليدي، على أن ينقسم المستوطنون إلى نحو 8 آلاف يدخلون البلدة القديمة من باب العامود، وعدد مماثل من باب الخليل وصولا إلى حائط البراق.
لكن في المقابل، ألغت محكمة استئناف إسرائيلية أمس الأربعاء حكما أصدره قاضي محكمة جزئية يسمح للمتطرفين اليهود بأداء طقوس تلمودية في المسجد الأقصى المبارك في أعقاب تحذيرات فلسطينية شديدة اللهجة.
وقالت القاضية آينات أفمان مولر في حكمها إن الحق في حرية العبادة اليهودية هناك (المسجد الأقصى) "ليس مطلقا ويجب أن تحل محله المصالح الأخرى، ومنها الحفاظ على النظام العام".