عقد السفير الإثيوبي، المعين لدى الولايات المتحدة الأميركية، سيليشي بيكيلي، الأربعاء، لقاءً تمهيدياً مع الدبلوماسيين وموظفي السفارة، بعد أيام من وصوله إلى واشنطن لاستلام منصبه الجديد، فيما بدا أنه تحرك من جانب أديس أبابا لتفادي الضغوط التي تسعى مصر لفرضها عليها عبر الإدارة الأميركية، خلال الفترة المقبلة بشأن سد النهضة.
وفي الحادي والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد تعيين بيكيلي، كبيراً لمفاوضي ومستشاري سد النهضة بعد تركه منصبه كوزير للمياه.
وقال بيكيلي خلال اجتماع له مع الدبلوماسيين والموظفين في سفارة بلاده في الولايات المتحدة إنه سيعمل على تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين خلال الفترة المقبلة، بحسب ما نقلته وكالة "إينا" الإثيوبية.
ووفقاً لبيكيلي فإنه مهمته ستتركز على بناء علاقات دبلوماسية طويلة الأمد، عبر مجموعة من الآليات، من بينها بناء الصورة.
من جهته، وصف دبلوماسي مصري، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، الخطوة الإثيوبية بأنها تأتي لإدراكها طبيعة التحركات المصرية على صعيد التعامل مع أزمة سد النهضة، والتي تعول كثيراً على الإدارة الأميركية، في التوصل إلى حل يخفف من التبعات السلبية المرتقبة للإجراءات الأحادية الإثيوبية.
وقال الدبلوماسي المصري، شريطة عدم كشف اسمه، إن الغالبية العظمى من المسؤولين عن إدارة الأزمة في إثيوبيا، باتوا يقودون تحركات بلادهم لدى القوى الدولية صاحبة التأثير على ملفات القارة الأفريقية، ربما لكونه الأكثر اطلاعاً وقدرة على مخاطبة الوسطاء الدوليين في هذا الملف بحكم معرفتهم بتفاصيله.
وأشار المصدر ذاته إلى أن وجود وزير المياه الإثيوبي السابق الذي شارك لفترة طويلة في مفاوضات سابقة للسد ضمن الآلية السداسية التي كانت تضم وزيري الخارجية والمياه لكل من مصر والسودان وإثيوبيا، علاوة على دوره ككبير مفاوضي بلاده في أزمة السد، يحمل دلالة كبيرة على ما توليه إثيوبيا من اهتمام بموقف الإدارة الأميركية بشأن أزمة السد. وأضاف أن تقليده المنصب الجديد يعد بمثابة خطوة استباقية لإفشال أية مساعٍ مصرية للضغط عليها عبر واشنطن.
وكانت مصادر دبلوماسية مصرية قد كشفت في وقت سابق لـ"العربي الجديد" أن القاهرة جددت مطالبها أخيرا للإدارة الأميركية، بضرورة تكثيف ضغوطها على الحكومة الإثيوبية، من أجل إطلاق جولة مفاوضات جديدة قبل شروع الحكومة الإثيوبية في الملء الثالث لسد النهضة المقرر له موسم الفيضان الجديد الذي يبدأ في يوليو/ تموز المقبل. ويأتي ذلك في ظل حالة التجاهل الإثيوبي التامة للنداءات المصرية والسودانية، فيما لفتت المصادر ذاتها إلى أن أزمة السد كانت من بين الملفات الرئيسية على أجندة وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة الأمريكية واشنطن.
وأوضحت المصادر أن شكري طالب نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، بضرورة التحرك العاجل على صعيد الأزمة بين مصر وإثيوبيا، مشدداً على أن الأوضاع في مصر لن تحتمل أية هزات متعلقة بالأمن المائي والغذائي للمصريين في ظل الأزمة العالمية التي تعاني منها الاقتصادات الناشئة بسبب تداعيات السلبية للحرب الروسية على أوكرانيا.
وفي الأول من مايو/ أيار الجاري، احتفل سيليشي بالذكرى الحادية عشرة لوضع حجر الأساس لتشييد سد النهضة الإثيوبي، وكتب على حسابه الرسمي في "تويتر": "يصادف اليوم إنشاء سد النهضة قبل 11 عامًا. منذ نحو شهر بدأنا في توليد الكهرباء، ونخطط لاستكمال بناء محطة لتوليد 15700 غيغاوات في الساعة في العامين المقبلين. مبروك للزملاء الإثيوبيين والمهنئين من أبناء إثيوبيا".
"حرب الهرم الأسود"
في غضون ذلك أعلنت وكالة أمن شبكة المعلومات، مساء أمس الثلاثاء، تعرض أجهزة كمبيوتر تستخدم في مشروع سد النهضة لهجمات إلكترونية. وقال المدير العام للوكالة، شوميت جيزاو، إن الوكالة أحبطت هجمات إلكترونية مخططة كانت تستهدف سد النهضة الإثيوبي.
وأكد جيزاو أن الهجمات الإلكترونية كانت محاولات لعرقلة أعمال سد النهضة من خلال استهداف 37 ألف جهاز كمبيوتر مترابط تستخدمها المؤسسات المالية.
وأوضح جيزاو في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية في بلاده أن "كياناً مدعوماً من دول لا تريد السلام والنمو في إثيوبيا كان يعمل على تخريب البناء الناجح لسد النهضة من خلال شن عملية حرب إلكترونية"، قال إنها تسمى "حرب الهرم الأسود".