تركت قمة شرم الشيخ التي جمعت رئيس النظام في مصر عبد الفتاح السسيي بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ورئيس دولة الاحتلال نفتالي بينيت ردود فعل إسرائيلية واسعة، بزعم أنها "تاريخية"، وربطت مصير الدول الثلاث المشاركة بالواقع المتشكل في اليوم التالي لتوقيع اتفاق النووي مع إيران، فضلا عما تشكله من تجسيد أكثر لإقحام دولة الاحتلال في تطورات المنطقة العربية، لاسيما بعد توقيع اتفاقيات التطبيع.
وفي الوقت ذاته، شكلت هذه القمة مؤشرا جديدا على تعزيز العلاقات والتنسيق بين الدول المشاركة فيها، لأنها تكشف النقاب عن قواسم مشتركة عديدة بينها، لعل أهمها خيبة الأمل العميقة من نهج إدارة بايدن تجاه الشرق الأوسط، ومسألة ملف النووي الإيراني، ومن وجهة نظرهم، فإن الولايات المتحدة ترتكب أخطاء تكتيكية ستجعلهم يعانون في المستقبل.
وذكر السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة، يتسحاق ليفانون، في مقال بصحيفة "معاريف"، أن "القادة الثلاثة اجتمعوا على التراب المصري لإيجاد آلية للتنسيق بينهم، وتلخيص خطوات المستقبل في مواجهة واقع الشرق الأوسط الجديد، حيث تم إعداد ترتيبات القمة سرا، وعقدها بسرعة، بدافع الخوف من هيمنة إيران في المنطقة، ما قد يعرض الشرق الأوسط بأكمله للخطر، وفقا لآراء الدول الثلاثة".
وأضاف أنه "بعيدا عن الملف النووي الإيراني، ترى الدول الثلاث، أن الخطر الحقيقي هو النفوذ الإيراني الذي تتجاهله الولايات المتحدة، أو لا تريد التعامل معه، فالإيرانيون يطلقون النار على الأمريكيين في العراق، والولايات المتحدة لا ترد، ومن وجهة نظرهم لا يوجد سوى دولة صغيرة تتعامل مع إيران وهي إسرائيل، ما يفسر وجود بينيت في شرم الشيخ".
وتابع: "يبدو أن الدول الثلاث التي اجتمعت في شرم الشيخ تتفهم أنه سيكون هناك واقع جديد بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، لأن سلوك الولايات المتحدة في أوكرانيا، وقبل ذلك في أفغانستان، أدى إلى تعزيز مخاوفها، وضرورة تنظيمها لليوم التالي للاتفاق النووي".
ورغم الترحيب الإسرائيلي بقمة شرم الشيخ، فإن السؤال المطروح هو إلى أي مدى سيكون للمجتمعين فيها قدرة واستعداد للذهاب نحو استراتيجية مشتركة، وتنسيق مستمر، فضلا عن التعاون الاستخباري والانتشار العسكري، رغم أن "القمة" قفزت بالتعاون بينها إلى "القمة"، بحسب الصحيفة العبرية.
وبات التنسيق علنيا لمواجهة إيران؛ صحيح أن مصر والإمارات اختارتا معسكرهما علانية، ودون تردد، لكن دولة الاحتلال أصبحت وكأنها "عامل إقليمي رئيس" تتطلع إليه بعض دول المنطقة للتعاون معها، وهذا أسوأ ما في اتفاقيات التطبيع، وفقا لكاتب المقال ذاته.
وخلص المقال إلى أن بينيت الذي يعاني مشاكل داخلية في حكومته، أصبحت لديه محادثات سرية مع قادة المنطقة، وكأنه يقود التحركات السياسية، ما أثار دهشة خصومه الأشداء في الليكود واليمين المتطرف، الذين وصفوه بـ"الخائن"، لأنه سرق أصوات اليمين لصالحه.