شيع الفلسطينيون 3 شبان في مدينة نابلس بعد أن اغتالتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في حي المخفية، وأطلقت النار صوبهم بشكل مباشر بعد ظهر الثلاثاء، في حادثة فجرت غضبا شعبيا وفصائليا.
واحتشد الفلسطينيون من مدن مختلفة -وسط حضور بارز لعشرات من وسائل الإعلام- لتشييع جنازة الشهداء الثلاثة الذين لُفوا بالعلم الفلسطيني، وحُملوا على الأكتاف حتى دوار الشهداء وسط المدينة لمسافة تزيد على 3 كيلومترات، ومن ثم للمقبرة الشرقية.
وقبل التشييع، سادت مشاعر الغضب المكان، وشوهد العشرات وهم يحملون الأعلام الفلسطينية ورايات مختلف الفصائل الوطنية والإسلامية.
وقالت مصادر مطلعة وشهود عيان إن قوات كبيرة من جيش الاحتلال وقوات خاصة كانت تستقل مركبة عمومية ومركبة أخرى خاصة -وكلتا المركبتين تحمل لوحات تسجيل فلسطينية- اعترضت مركبة كان الشبان الثلاثة يستقلونها وأطلقت النار عليهم بشكل مباشر، مما أدى إلى استشهادهم على الفور.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد الشبان الثلاثة وإصابة رابع اعتقلته قوات الاحتلال.
ونعت كتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح) من قالت إنهم 3 من شهدائها بعد عملية اغتيال نفذتها قوة صهيونية خاصة في نابلس.
ويقول الاحتلال إنهم مطلوبون له، وإنهم أعضاء خلية مسلحة نفذت 6 عمليات إطلاق نار على قواته مؤخرا.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس -في تغريدة على تويتر- "أحيي الجيش الإسرائيلي والشاباك (جهاز الأمن العام)، اللذين قضيا اليوم على الخلية التي نفذت عمليات إطلاق نار في الأسابيع الأخيرة".
وقد نقلت جثامين الشهداء الثلاثة إلى مستشفى رفيديا الحكومي بالمدينة، حيث تدافع عشرات المواطنين إلى المستشفى بعد سماعهم الخبر.
الفصائل تندد
ووصف القيادي بحركة فتح مازن الدنبك جريمة الاغتيال بـ"العربدة الإسرائيلية التي يستبيح عبرها جيش الاحتلال أراضي السلطة الفلسطينية، وينفذ اغتياله لـ3 مقاومين من خيرة أبناء نابلس، وبدم بارد".
وأضاف الدنبك أن الاحتلال لا يبحث عن مبرر لاغتيال هؤلاء الشهداء وغيرهم، وإن ادعى أنهم يطلقون النار عليه، وكل ما يهمه فقط قتل الفلسطيني لإشباع رغبته.
واعتبر المسؤول بمحافظة نابلس غسان دغلس أن هذا نهج حكومات الاحتلال الإسرائيلي كلها، وليس حكومة نفتالي بينيت فحسب، التي تقوم بنسف أي جهد دبلوماسي دولي وبأي توقيت تجاه أي مشروع سياسي فلسطيني.
وقال دغلس -للجزيرة نت- إن جيش الاحتلال شعر بأن هؤلاء المقاومين كانوا "سيشكلون حالة نضالية وطنية، ولهذا قام بتصفيتهم؛ لأن الأمن هو هاجس إسرائيل الدائم، وهي وجيشها مهوسون حد إعطاء ضوء أخضر بالقتل والهدم والتشريد للفلسطيني كل وقت وحين".
المقاومة ماضية
وقد نعت الفصائل الفلسطينية الشهداء الثلاثة، وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -في بيان لها- إن الشهداء ارتقوا بعد مسيرة مشرفة من المقاومة والتصدي لجيش الاحتلال، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني سيحفظ دماءهم، وأن مسيرة المقاومة ماضية بهمة الشباب الذين يرفضون المهادنة والانكسار.
كما أكد المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي طارق عز الدين أن عملية الاغتيال الإسرائيلية لن تمر مرور الكرام، مطالبا بضرورة وقف التنسيق الأمني الذي يمنح الغطاء لجيش الاحتلال للوصول إلى المقاومين المطلوبين، وفق تعبيره.
وطالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أجهزة الأمن الفلسطينية بالتوقف عما وصفته بلعب دور المحايد والمتفرج، وبضرورة المشاركة في التصدي لعنف الاحتلال وجرائمه.
أما الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، فقد أدانت عملية الاغتيال الإسرائيلية، ودعت لتصعيد المقاومة بكل أشكالها ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، وقال عضو قيادتها المركزية بمدينة نابلس أنور الحمود -للجزيرة نت- إنها "عملية جبانة"، وإن المطلوب توحيد الصف الفلسطيني وكتائب المقاومة وأجنحتها العسكرية، للرد على جريمة الاحتلال "بكل أشكال المقاومة المسلحة وغيرها".
كما لم يفت حركة فتح الرسمية إدانة عملية الاغتيال التي وصفها المتحدث باسم الحركة منير الجاغوب "بالوحشية والقذرة"، وقال "إن هذه جريمة مركبة بزمانها ومكانها وأدواتها، ولكنها لن تثنينا عن النضال ولن تفت من عضدنا".
وبعيد تنفيذه لعملية الاغتيال، شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي بتشديد إجراءاته العسكرية عند محاور ومفترقات المدينة وقراها، فضلا عن مناطق أخرى بالضفة الغربية، وأغلق الاحتلال شارع حوارة ومدخل قرية بيتا جنوب نابلس، حيث دارت مواجهات بين المقاومين وجنود الاحتلال.