طالبت حركة "النهضة" التونسية، مساء الجمعة، بإطلاق سراح وزير العدل السابق والقيادي في صفوفها، نور الدين البحيري، وذلك بعد ساعات على إيقافه، مؤكدة تعرضه للعنف من قبل القوات التي اعتقلته، ومحملة الرئيس قيس سعيّد ووزير الداخلية، توفيق شرف الدين، مسؤولية ما يقع للبحيري.
وأوضحت الحركة، في مؤتمر صحافي عقد بمقرها، أنه "لا يوجد أي بطاقة إيداع (مذكرة اعتقال) أو قضية ضد القيادي في الحركة، وأنه اختطف إلى جهة غير معلومة"، مبينة أن ما سمتها "سلطة الانقلاب" بصدد التحرك لـ"إفشال مسيرة 14 يناير/ كانون الثاني وتكوين جبهة سياسية".
وقال القيادي في حركة "النهضة"، محمد القوماني، في مؤتمر صحافي، إن "النهضة تدين هذه العملية وتعتبرها استهدافاً لشخصيات وطنية، خاصة وأن البحيري عُرف بمواقفه المناهضة للانقلاب، وهي محاولة لتخويف بقية الشخصيات وقطع الطريق أمام التحشيد الحاصل ليوم 14 يناير وإدانة الانقلاب"، مؤكداً أن "التصعيد الذي وقع يهدف إلى قطع الطريق أمام محاولة التقارب بين مختلف المكونات السياسية، ولكن هذا لن ينجح".
وذكر القوماني: "نحمل رئيس الجمهورية قيس سعيد المسؤولية المباشرة، لأنه حرض على البحيري أكثر من مرة".
وأضاف أن "المراهنة على الخلافات الإيديولوجية والسياسية لن تؤثر على المسار الرافض للانقلاب"، مبيناً أن "المنقلب يحاول التغطية على الفشل الذي حصل منذ 25 يوليو/ تموز"، وذلك في إشارة إلى إجراءات اتخذها الرئيس التونسي وانفرد من خلالها بكل الصلاحيات.
وأوضح المتحدث ذاته أن "قيس سعيّد يتحمل المسؤولية المباشرة فيما سيقع للبحيري، خاصة أنه سبق أن حرض عليه"، مشيراً أيضاً إلى أن "المسؤولية تقع أيضاً على وزير الداخلية، وأن هذه الجرائم هي ضد الإنسانية وتنتهك أبسط الحقوق، وبالتالي فإن كل الأطراف ستتحمل المسؤولية، وعلى الأمن أن يعمل في إطار القانون".
وبين أن "المسؤولية شخصية وجزائية، والنهضة لن تسمح باستهدافها، وسنتصدى لذلك بكل الوسائل من تنديد واحتجاجات واعتصامات"، مشدداً على أن "السؤال المطروح أين تم اختطاف البحيري؟ خاصة وأن الجهات القضائية لم يكن لها علم بما حصل".
وفي تصريح أدلى به لـ"العربي الجديد"، قال القوماني إنه "لابد من قرار مكتوب حتى لو كان تحت إجراء الطوارئ"، مؤكداً أنه "لم يتم احترام أي إجراء ولا تطبيق القانون، وحتى وضع بعض الشخصيات تحت الإقامة الجبرية سابقاً خضع لشروط، منها إعلامهم سابقاً".
وفيما لفت إلى أن "البحيري محام، ولو تم إعلامه كان سيحضر، ولم يكن هناك أي داعٍ لما حصل"، أوضح القوماني أنه تم اختطاف البحيري أمام زوجته وجيرانه، وأن "الفريق القانوني اتصل بوكيل الجمهورية وينتظرون الحصول على أي معلومات".
وختم بالقول إنهم "ليسوا ضد تطبيق القانون، ولكن لا للانحراف بالسلطة، لأن ما حصل جريمة".
من جانبها، قالت عضو المكتب التنفيذي لحركة "النهضة"، زينب براهمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "البحيري لا يوجد ضده أي قرار قضائي ولا بطاقة جلب"، موضحة أن "سيارة توقفت ونزل أعوان بزي مدني، وكان الحضور الأمني مكثفاً، وتم إنزال البحيري من سيارته بالقوة والاعتداء عليه وتهشيم نظارته واختطافه بالقوة، واقتياده لجهة غير معلومة".
وبينت براهمي أن "الاعتداء بالضرب طاول زوجة البحيري المحامية التي كانت معه، وأيضا بعض الجيران، الذين تم إجبارهم على الدخول لمنازلهم"، مؤكدة أنه "سيتم تتبع كل من أصدر التعليمات ونفذها".
في المقابل، أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن اتخاذها قرارين بفرض الإقامة الجبرية، وذلك بحسب ما قالت إنه يأتي "عملاً بالقانون المنظّم لحالة الطوارئ، وخاصّة الفصل الخامس من الأمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرّخ في 26 جانفي (يناير/ كانون الثاني) 1978 الذي يُخوّل وضع أيّ شخص تحت الإقامة الجبريّة حفاظاً على الأمن والنّظام العامّين".
وأضافت الداخلية التونسية، في بيان جاء بعد ساعات طويلة من إيقاف البحيري، واقتياده إلى مكان غير معلوم، أنه "تمّ اتّخاذ قرارين في الإقامة الجبريّة، وهو إجراء ذو صبغة تحفظيّة أملته الضّرورة في إطار حماية الأمن العامّ، وينتهي بانتهاء موجبه".
وأكدت وزارة الداخلية "حرصها على التّقيّد بالضّمانات المكفولة بمقتضى الدّستور والتّشريع النّافذ، خاصّة من حيث توفير ظروف الإقامة الملائمة والإحاطة الصّحيّة اللاّزمة للمعنيّين بهذا القرار".
وبينما لم يشر البيان إلى أسماء الموقوفين ولا جهة أو مكان إيقافهما ولا التهم الموجهة إليهما، يرجح بقوة أن يكون الأول البحيري، والثاني أحد مسؤولي الوزارة.