ارتفع عدد ضحايا الاحتجاجات في السودان يوم السبت، إلى ثلاثة قتلى في مدينة أم درمان وعشرات الجرحى في مناطق متفرقة، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية.
وقالت اللجنة في بيان إن متظاهرا ثالثا قتل برصاص قوات الأمن في مدينة أم درمان يوم السبت في المظاهرات ضد الانقلاب عسكري والمطالبة بالعودة للمسار الانتقالي.
ومن جانبها نفت الشرطة السودانية إطلاق النار على محتجين خلال مظاهرات يوم السبت وقالت في التلفزيون الرسمي إن أحد أفرادها أصيب بطلقات نارية.
واتهمت "مجموعات من المتظاهرين خرجت عن السلمية وهاجمت الشرطة وبعض المواقع الهامة، ما دعا الشرطة إلى لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم".
وقد انطلقت المظاهرات في عدة مدن سودانية بعد ظهر يوم السبت، استجابة لدعوى قوى مدنية وسياسية رفضا لانقلاب قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وحل الحكومة ومجلس السيادة واعتقال عدد من السياسيين والمسؤولين.
وبحسب تقارير انطلقت المسيرات الحاشدة في مناطق عدة من بينها ضواحي أم درمان في شمال غرب الخرطوم، تحت شعار "الردة مستحيلة".
وهتف المتظاهرون في أحياء العاصمة السودانية "المدنية خيارنا" ورفع بعضهم صور رئيس الوزراء المقال عبد الله حمدوك، الذي وضع تحت الإقامة الجبرية في منزله.
وكان أنصار الحكم المدني قد دعوا إلى مظاهرات "مليونية" السبت، ووضعوا بعض الحواجز في شوارع رئيسية لحماية المتظاهرين.
وقال شاهد من رويترز إن قوات الأمن في الخرطوم استخدمت الغاز المسيل للدموع وإطلاق النار في محاولة لتفريق حشد كبير بعد أن نصب المحتجون خشبة المسرح وناقشوا إمكانية الاعتصام.
وقال شاهد عيان أخر في أم درمان إنهم سمعوا طلقات نارية ورأوا أشخاصا ينزفون من اتجاه مبنى البرلمان.
التحدي الأكبر
وتمثل المظاهرات التحدي الأكبر الذي يواجهه الفريق أول عبد الفتاح البرهان منذ أن أطاح حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، يوم الاثنين.
وقال جوناس هورنر من مجموعة الأزمات الدولية: "كان هذا سوء تقدير منذ البداية وسوء فهم لمستوى الالتزام والشجاعة والقلق الذي يشعر به الشارع بشأن مستقبل السودان".
وجمدت الولايات المتحدة والبنك الدولي المساعدات للسودان، الذي يشهد أزمة اقتصادية ونقصا في الغذاء والدواء وحيث يحتاج ما يقرب من ثلث السكان إلى دعم إنساني عاجل.
وأيد وزراء الحكومة المعينون من المدنيين الاحتجاجات في بيان رسمي، وقالوا إن الجيش "لن يجد السودانيين الأحرار أو القوى الثورية الديمقراطية الحقيقية شركاء لهم في السلطة".
وحمل المتظاهرون الأعلام السودانية ورددوا هتافات "هذه بلدنا وحكومتنا مدنية" بينما ساروا رافعين صورة رئيس الوزراء حمدوك في أحياء في أنحاء الخرطوم.
كما نزل الناس إلى الشوارع في مدن وسط وشرق وشمال وغرب السودان. وقال شاهد لرويترز إن الحشود تضخمت لتصل إلى مئات الآلاف في الخرطوم.
وقال المتظاهر هيثم محمد "الناس أوصلوا رسالة مفادها أن التراجع مستحيل والسلطة للشعب".
واستبق الجيش هذه المظاهرات بإغلاق جميع الجسور التي تربط بين مدن العاصمة الثلاث منذ مساء الجمعة، وعزل العاصمة الخرطوم عن بقية المدن لعدم وصول المتظاهرين إليها.
وانتشرت قوات الأمن المشتركة من الجيش والشرطة والدعم السريع في كل أنحاء البلاد، وفي محيط القصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش وفي النقاط الحيوية وبعض الشوارع الرئيسية.
ترقب دولي
ويترقب المجتمع الدولي الوضع في السودان، وما ستسفر عنه احتجاجات اليوم، وحذر السلطات العسكرية من المساس بالمدنيين، خاصة بعد سقوط ضحايا بين قتلى وجرحي في احتجاجات على مدار الأيام الماضية.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في تغريدة على تويتر السبت، على ضرورة أن تحترم قوات الأمن في السودان حقوق الإنسان، موضحا أن "أي عنف ضد المتظاهرين السلميين غير مقبول".
وأضاف بلينكن أن "الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب السوداني في نضاله السلمي من أجل الديمقراطية".
كما شدد المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، على أن واشنطن ستراقب عن كثب مظاهرات السودان يوم السبت، وحث المسؤولين على احترام حق المواطنين في التظاهر السلمي وممارسة حقهم في التعبير والتجمع.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد حث القادة العسكريين في السودان على إعادة الحكم المدني على الفور والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين.
ودعت السفارة البريطانية وبعثة الأمم المتحدة في الخرطوم في بيانات مساء الجمعة، السلطات السودانية إلى التعامل السلمي مع المشاركين في المظاهرات السبت، وطالبتا بضبط النفس.
وتعهد البرهان في تصريحات له مساء الجمعة بتوفير الحماية للمظاهرات طالما كانت سلمية.
قطع الاتصالات
وكانت السلطات قد قطعت خدمة الاتصالات الهاتفية في البلاد، منذ مساء الجمعة، مع انتشار واسع لقوات عسكرية في وسط العاصمة الخرطوم.
وسعى المنظمون إلى ألا تكون التجمعات مركزية في مكان واحد. وتتركز المطالب الأساسية للمتظاهرين على تخلي البرهان، القائد العام للقوات المسلحة السودانية عن مقاليد السلطة وإعادة رئيس الوزراء المعزول عبدالله حمدوك إلى منصبه بكامل صلاحيات.
وجاءت احتجاجات السودان بعد إعلان مفاجئ من الفريق البرهان يوم الاثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول، بحل الحكومة برئاسة حمدوك، واحتجازه تحت الحراسة في منزل البرهان، قبل أن يفرج عنه يوم الثلاثاء ليعود إلى منزله.
وقال البرهان إنه أقال الحكومة من أجل "تفادي نشوب حرب أهلية بعد أن أجج سياسيون مدنيون العداء للقوات المسلحة" حسب تعبيره، مؤكدا أنه "لا يزال ملتزما بالانتقال الديمقراطي، بما في ذلك إجراء انتخابات في يوليو 2023".
واندلعت مظاهرات واحتجاجات غاضبة ضد هذه الإجراءات، واضطر البرهان للإفراج عن حمدوك وإعادته إلى منزله، لكنه لم يتراجع عن الإجراءات السابقة.
وأعلنت عدد من القوى المدنية والنقابات المهنية العصيان المدني، وتم إغلاق كامل للمدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والشركات والأسواق والمحال التجارية.
وتمكنت الفرق الطبية من رصد عدد القتلى في الاحتجاجات وقالت إنه بلغ 11 شخصا، لكن لجنة طبية مستقلة ذكرت أمس أنه من المستحيل معرفة العدد الحقيقي للقتلى.