اعتبرت يسرى الغنوشي، المتحدثة باسم حركة "النهضة" التونسية، وابنة زعيم الحركة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، أن "الديمقراطية والاستقرار والأمن في تونس تواجه تهديدا خطيرا".
وفي مقابلة مع الأناضول، قالت متحدثة "النهضة" إن الرئيس قيس سعيد "نفذ محاولة انقلابية ضد الديمقراطية، والشعب سيقف صفا واحدا لرفض التحول الديكتاتوري في نظام الحكم".
وأضافت أن "تونس تشهد أزمة سياسية منذ فترة بسبب عدم وجود تعاون بين المؤسسات المختلفة، ورئاسة الجمهورية، والحكومة، والبرلمان، عقب رفض سعيد الموافقة على التعديلات الوزارية وقانون المحكمة الدستورية الذي أقره البرلمان، إلى جانب أزمة اقتصادية طويلة الأمد مع تردي الأوضاع بسبب تبعات جائحة كورونا".
ومساء الأحد، أعلن الرئيس قيس سعيّد، تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، وتولي السلطة التنفيذية بنفسه بمعاونة حكومة يعين رئيسها، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤس النيابة العامة.
وجاءت قرارات سعيد إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء، طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
يسرى الغنوشي، أشارت إلى تزايد أعداد الوفيات والإصابات إثر فيروس كورونا بشكل خطير، الأمر الذي أدى إلى حالة من الاستياء بسبب هذه الأزمات، إلا أنه ليس هناك أي مبرر لتعليق العملية الديمقراطية برمتها في البلاد.
وأكدت الغنوشي على رفض الحركة لأي بيانات "من شأنها تعليق التحول الديمقراطي في البلاد بشكل يتعارض مع الدستور".
وأردفت: "بالطبع هناك الكثير من الأشخاص داخل وخارج البلاد، ممن يتوقون للعودة إلى عهد الديكتاتورية والانغلاق على الذات في فترة ما قبل الثورة (قبل 2011)، وإصابة البرلمان بالشلل، وإفساد عملية التحول الديمقراطي بالبلاد".
وأعربت عن ثقتها في "إصرار غالبية الأحزاب التونسية ومنظمات المجتمع المدني وأبناء الشعب في الدفاع عن ديمقراطيتهم وحقوقهم وحرياتهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس".
** الشعب التونسي "سيرفض التحول إلى الديكتاتورية"
وشددت الغنوشي على أن "قرارات الرئيس سعيد الأخيرة، بعيدة عن القانون ولا تتفق مع الدستور"، واصفة إياها بأنها "محاولة للانقلاب على الديمقراطية التونسية".
وأكدت على أن "الديمقراطية والاستقرار والأمن في تونس تواجه تهديدا خطيرا"، مشيرة إلى أن "محاولة الانقلاب ليست الحل للتغلب على الصعاب الراهنة التي تمر بها البلاد"، موضحة أنها لن تساهم سوى في "تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
وجددت دعوة الحركة للرئيس سعيد من أجل التراجع عن بيانه الأخير وإعادة تأسيس الديمقراطية، وأن المخرج الوحيد من هذه الأزمة يكمن في الحوار والعملية الديمقراطية.
وذكرت الغنوشي أن الشعب التونسي شهد عقودا من الديكتاتورية والحكم الاستبدادي الفردي، وأن الشعب ثار على هذا الوضع عامي 2010-2011.
وأردفت قائلة: "الشعب التونسي قدم تضحيات كبيرة قبل الثورة وبعدها من أجل تأسيس حكومة ديمقراطية تقوم على إرادة الشعب وتحترم الحريات وحقوق الإنسان، وإنني متأكدة بأن الشعب غير مستعد للاستسلام خاصة في ظل هذا الوضع الإقليمي الصعب، ورغم كل الصعوبات والتضحيات التي جلبها الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية".
ولفتت الغنوشي إلى أن ما يجري حاليا، "لن يكون نهاية النظام الديمقراطي" في تونس.
واستطردت: "سيقف التونسيون معا ويقاومون من أجل حماية الديمقراطية ولن يقبلوا بالعودة إلى الديكتاتورية، لأننا جربنا احتكار السلطة في يد رجل واحد".
وأكدت أن العملية الديمقراطية في تونس تواجه حاليا تهديدا خطيرا، مبينة أن تونس أشعلت كل الانتفاضات المطالبة بالحرية والحقوق والديمقراطية في المنطقة خلال الربيع العربي.
وشددت الغنوشي على أن تونس ورغم كل الصعوبات، لديها مسيرة ديمقراطية فاعلة ومؤسسات منتخبة وحرية الصحافة وحرية التعبير.
وتابعت في هذا الخصوص قائلة: "كل هذا الآن في خطر كبير، وجميع الناس في المنطقة وحول العالم يراقبون عن كثب ما إذا كان التونسيون والمجتمع الدولي سيسمحون لهذا الأمل الأخير للديمقراطية في المنطقة أن يتلاشى".
وأردفت: "يسعدنا أن غالبية الأحزاب التونسية رغم خلافاتهم، ترفض هذا العمل غير الدستوري من قبل الرئيس، وقد رفضت الأحزاب السياسية وخبراء القانون الدستوري وبعض المنظمات غير الحكومية، تفسير الرئيس للدستور بشكل مغاير للدستور".
وأضافت الغنوشي: "نواصل دعوة جميع الأحزاب والمنظمات السياسية إلى تفضيل الحوار والبحث عن حلول تحترم الدستور وتحمي حرياتنا وحقوقنا التي حصلنا عليها بشق الأنفس".
وأعربت عن بالغ قلقها إزاء ما يجري حاليا في تونس، مشيرة أن رئيس البلاد "استولى على السلطة من أجل جمع كافة المؤسسات في قبضة رجل واحد".
وأشارت الغنوشي إلى "مداهمة مكاتب وسائل الإعلام الدولية، وإلى محاولة تقييد حرية الصحافة والتعبير والتجمع"، داعية جميع المدافعين عن الديمقراطية في العالم، إلى "إدانة هذا الأمر".
وحتى مساء الثلاثاء، عارضت أغلب الكتل البرلمانية في تونس قرارات سعيّد؛ إذ عدتها حركة "النهضة" (53 نائبا من أصل 217) "انقلابا"، واعتبرتها كتلة قلب تونس (28 نائبا) "خرقا جسيما للدستور"، ورفضت كتلة "التيار الديمقراطي" (22 نائبا) ما ترتب عليها، ووصفتها كتلة "ائتلاف الكرامة" (18 مقعدا)، بـ"الباطلة" فيما أيدتها حركة "الشعب" (15 نائبا).
كما أدان البرلمان الذي يترأسه راشد الغنوشي زعيم "النهضة"، بشدة في بيان، قرارات سعيّد، وأعلن رفضه لها.