[ ميناء بورتسودان على البحر الأحمر حيث تقيم روسيا قاعدتها العسكرية بالقرب منه (الجزيرة) ]
تناولت فورين بوليسي (Foreign Polic) التي تُعنى بقضايا السياسة الدولية، في تقرير بعددها الأخير، موضوع القاعدة البحرية التي تنوي روسيا إقامتها في السودان.
وذكرت المجلة، في تقرير لمراسلتها لشؤون الأمن القومي والاستخبارات، آمي ماكينون، أن روسيا أبرمت اتفاقية مع السودان لإنشاء قاعدة بحرية في تلك الدولة، في مسعى من موسكو لتوسيع نطاق انتشارها العسكري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتتيح الصفقة، التي أُميط اللثام عنها في 8 ديسمبر/كانون الأول، لروسيا إرسال 4 سفن وزهاء 300 فرد للتموضع في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر كجزء من الاتفاق الذي سيدوم 25 عاما. وستكون المنشأة الجديدة أول قاعدة بحرية لروسيا في أفريقيا.
مطارات السودان
وستُستخدم القاعدة مركز دعم لوجستيا ونقطة لإجراء عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد والتموين للبحرية الروسية على ساحل البحر الأحمر. وتمنح الاتفاقية موسكو حق استخدام مطارات السودان في نقل "الأسلحة والذخائر والمعدات" اللازمة لإسناد القاعدة البحرية.
ويُعد ميناء بورتسودان أصغر بكثير من القاعدة الروسية المقامة بميناء طرطوس بسوريا، وهي المنشأة البحرية الأخرى الوحيدة لموسكو خارج جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، إلا أنه سيمنح روسيا موطئ قدم إستراتيجيا على البحر الأحمر، الذي يربط المياه الأوروبية والآسيوية، وهو من أكثر الممرات المائية انشغالا بحركة السفن.
وكانت الصين قد أقامت عام 2017 أول قاعدة عسكرية بالخارج عند مدخل البحر الأحمر بدولة جيبوتي، التي تستضيف أيضا القاعدة العسكرية الأميركية الوحيدة في القارة.
استعادة القوة السوفياتية
وفي وقت من الأوقات إبان الحرب الباردة، كان للاتحاد السوفياتي قبل انهياره قواعد بالمنطقة جنوب اليمن والصومال وإثيوبيا. وقد جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعادة بلاده قوتها العسكرية العالمية ركيزة أساسية لسياسته منذ توليه السلطة قبل عقدين من الزمن.
ومع سعيها لتعزيز وجودها بالبحر المتوسط عبر تدخلاتها في الصراعات الدائرة بسوريا وليبيا، كانت روسيا تصوب عينا نحو البحر الأحمر. وتجدر الإشارة إلى أن المسؤولين الروس تحروا في السابق إمكانية الحصول على موطئ قدم في جيبوتي وإريتريا، لكن محادثاتهم في هذا الشأن لم تحرز أي تقدم.
وكان الرئيس السوداني السابق عمر البشير أثار احتمال استضافة بلاده قاعدة روسية إبان اجتماعه عام 2017 مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو. وبعد الإطاحة بالبشير عام 2019، استؤنفت المفاوضات مع رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
مجموعة فاغنر
ولمجموعة فاغنر، وهي شركة عسكرية روسية خاصة، وجود راسخ في السودان بالفعل. وقد صنفتها الخارجية الأميركية على أنها تعمل بالوكالة عن وزارة الدفاع الروسية، وهي تنشط في الأماكن التي لا تستطيع موسكو التدخل فيها رسميا، أو تفضل ألا تكون في الواجهة.
وسبق لوزارة الخزانة الأميركية أن فرضت في يوليو/تموز عقوبات على شركتي تعدين تابعتين لمجموعة فاغنر، التي يُعتقد أنها تحظى بدعم يفغيني بريغوجين المقرب من بوتين، لتدبيرها خطط قمع المظاهرات المطالبة بالديمقراطية والتي أطاحت بحكم البشير في السودان.
وقال وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين في بيان أصدره في ذلك الوقت "بريغوجين وأعوانه يستغلون الثروات الطبيعية في السودان للإثراء الشخصي ونشر تأثيرهم السلبي في العالم".