[ الغانم دعا لترك المعارك والخلافات الشخصية للتفرغ للعمل من أجل صالح الشعب الكويتي (الجزيرة) ]
بعد جلسة ساخنة، تمكن مرزوق الغانم من ترؤس مجلس الأمة الكويتي للمرة الثالثة، حيث حصل على 33 صوتا مقابل 28 لمنافسه بدر الحميدي.
وحُسم منصب الرئاسة خلال الجلسة العادية الأولى من دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الـ16.
ويصوت في انتخابات رئاسة البرلمان كل من النواب والوزراء، بواقع 50 نائبا، و14 وزيرا.
وفي كلمة مقتضبة عقب فوزه، أعلن الغانم عن "عهد جديد" معلنا مد يده إلى جميع النواب، مشيرا إلى أنه التزم الصمت إزاء ما تعرض له من إساءات، ودعا إلى ترك المعارك والخلافات الشخصية للتفرغ للعمل من أجل صالح الشعب الكويتي، على حد قوله.
وسبق للغانم أن ترأس المجلس مرتين، الأولى بدأت في 2013 والثانية في 2016.
وعلى الجهة الأخرى، تحدث عدد من النواب الذين لم يصوتوا للغانم، وتفاوتت فحوى كلماتهم ما بين اتهام للحكومة بالتصويت للغانم، والدعوة لتغيير النهج، إلى جانب إبداء الرغبة في التعاون والعمل جنبا إلى جنب لسن القوانين التي تصب في صالح المواطنين.
بدورها دافعت الحكومة عن نفسها على لسان وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة مبارك الحريص، حيث أكد أنه يحق للحكومة التصويت والإدلاء برأيها وفق قناعاتها، مشيرا إلى أنه لا يجوز الطلب منها الإفصاح عن تصويتها باعتبار ذلك مخالفا للدستور.
انتخاب مكتب المجلس
واستطاع النائب أحمد الشحومي الحصول على منصب نائب رئيس مجلس الأمة بأغلبية 41 صوتا، متقدما على منافسه الدكتور حسن جوهر الذي حصل على 19 صوتا.
كما فاز النائب فرز الديحاني بمنصب أمين السر بحصوله على 39 صوتا، بينما جرت تزكية النائب أسامة الشاهين لمنصب مراقب المجلس، أما اللجان البرلمانية فأرجئت انتخاباتها للأسبوع المقبل بعد أن رفعت الجلسة.
وتعليقا، على هذه التطورات قال الأكاديمي فهد المكراد إن خيوط اللعبة السياسية داخل قبة البرلمان تختلف عن خارجها.
وأضاف المكراد في حديث للجزيرة نت أن كثيرا من النواب أثبتوا أن وعودهم كانت من قبيل الدعاية الانتخابية لدغدغة مشاعر الناخبين، وفي الوقت نفسه لم تكن موجهة إلى داخل قاعة عبد الله السالم (القاعة الرئيسة بمجلس الأمة الكويتي)، فظهروا بمواقف معارضة لكنهم في الحقيقة كانوا موالين.
ووصف المكراد أن ما شكل مفاجأة له هو إخفاق النائب حسن جوهر في الحصول على مركز نائب الرئيس بعد إعلان النواب الـ 42 تأييدهم له، مشيرا إلى أن تحالفات خفية أثرت على الوعود العلنية.
وتوقع المكراد أن تشهد العلاقة داخل البرلمان سخونة تتعرض من خلالها المؤسسة البرلمانية لضغوط قد تؤدي في نهاية المطاف إلى حل المجلس من وجهة نظره.
أما النائب والوزير السابق حسين الحريتي فاعتبر ما شهدته الجلسة من تنافس محتدم وأجواء ساخنة أمرا طبيعيا في ظل ما تعيشه الكويت من ديمقراطية، مبينا أن الغلبة دائما تكون للصندوق حتى وإن صوتت الحكومة للغانم.
وأشار الحريتي إلى ما تضمنته كلمة أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح في الجلسة من تشديد على عدم وجود متسع لهدر المزيد من الوقت والجهد في الصراعات وتصفية الحسابات، التي أصبحت محل استياء المواطنين وعقبة أمام أي إنجاز.
أمير الكويت دعا كذلك في كلمته إلى ضرورة التعاون والتناغم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لتطوير الكويت وتنميتها وإقرار القوانين، خاصة في الظرف الدقيق الحالي والاستثنائي لمواجهة الظروف الاقتصادية والمالية التي تعيشها المنطقة برمتها.
التهدئة عبر قوانين شعبية
بدوره، يرى رئيس مركز المدار للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور صالح المطيري أن المحك في امتحان مواقف النواب يكمن في إقرار مشاريع القوانين التي أعلنت كأولويات، حيث يكون التصويت فيها علنيا وليس سريا كما جرى في انتخابات رئاسة مجلس الأمة.
وأشار المطيري -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن ما شهدته الجلسة من وجود 25 نائبا معارضا بعث رسائل للحكومة مفادها أن الأمور لن تسير بسلاسة، فهذا الرقم سيكون محرجا إذا ما صوت في أي استجواب أو عدم تعاون وسيطيح بأي وزير.
الأزمة الخليجية
ولم تغب الأزمة الخليجية عن مجريات الجلسة، ففي كلمته قال رئيس السن حمد الهرشاني إنه لا يمكن إغفال الدور المحوري الذي اضطلعت به الكويت في سبيل المصالحة الخليجية ورأب الصدع ولم الشمل بين الإخوة في مجلس التعاون الخليجي.
كما أوضح أن أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح حرص أشد الحرص على هذه المصالحة، وأنه بذل جهودا جبارة وقام برحلات مكوكية رغم ظروفه الصحية، ولم يألُ جهدا في إتمام هذه المصالحة إيمانا منه بالدور المهم الذي يقوم به مجلس التعاون الخليجي الذي يمثل الدرع الواقية لجميع دوله.
وأضاف أن أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد سار على الدرب نفسه وأكمل مسيرة سلفه، لافتا إلى قرب جني ثمار هذه الجهود الصادقة في عودة الجميع إلى أحضان الوحدة والأخوة الخليجية والتمسك بعراها القوية.
أما رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح فقد أكد اعتزاز بلاده بعمقها العربي والإسلامي، وأنها تعمل في الوقت ذاته على ترسيخ وتقوية التعاون الإيجابي البناء في مختلف المجالات والميادين بين الكويت ودول مجلس التعاون.
وشدد على أن الكويت تؤمن بأن أمن الدول الخليجية كلٌ لا يتجزأ، وأن الحفاظ على هذا الأمن وحمايته مسؤولية جماعية تشترك فيها جميع دول المجلس، مشيرا إلى أن الكويت لم تدخر وسعا في تعزيز الانفراج الإيجابي في حل الأزمة الخليجية.
وأوضح أن الجميع سيسعد بالعودة الطبيعية للعلاقات بين الدول الأعضاء بالمجلس في القريب العاجل.