"دبي واحدة من أكبر المراكز المعروفة بممارسة العبودية الحديثة والاتجار بالبشر في العالم، فوراء الواجهة البراقة لهذه الجنة القابعة في الصحراء، يقبع أيضا نظام قاتل ووحشي يقوم على التشغيل والنقل والتحويل والاختطاف والاحتيال على البشر، وبشكل خاص النساء، باعتماد التهديد بالقوة والاستخدام الفعلي لها"، بهذه العبارات افتتحت الكاتبة آماليا روزنبلوم مقالا لها عن أشكال العبودية الحديثة في الإمارات نشرته صحيفة هآرتس (Haaretz) الإسرائيلية.
وترى الكاتبة أن هدف هذا النظام هو استغلال الضحايا لأغراض البغاء وأشكال أخرى من الاستغلال الجنسي، إلى جانب العمالة القسرية والتشغيل في ظروف العبودية.
ويوجد في دولة الإمارات أكثر من 8 ملايين عامل مهاجر، يمثلون أكثر من 95% من القوى العاملة في القطاع الخاص، وهم يعملون مقابل أجور منخفضة جدا في مجال البناء أو كخدم، وأغلب هؤلاء العمال من ضحايا تهريب البشر والعمالة القسرية، بحسب الصحيفة.
عنف وحرمان
وقبل أن تحزم أمتعتك -تضيف الصحيفة- من المهم أن تعرف أن الفنادق الفخمة في دبي والمراكز التجارية التي تخطف الأبصار والشواطئ الرائعة، كلها بُنيت وخضعت للصيانة بسواعد أشخاص حُرموا من أبسط حقوقهم الإنسانية باستخدام وسائل العنف. هؤلاء يأتون للإمارات من دول يعجزون فيها عن كسب عيشهم (بعض النساء يهربن من المناطق التي تمزقها الصراعات مثل العراق)، وفي أغلب الحالات يدفعون مبالغ طائلة مقابل دخول البلاد.
منذ لحظة دخولهم، يكونون فعليا في حالة اختطاف، ويصبحون عبيدا حيث تُحتجز جوازات سفرهم ويقوم مشغلوهم بتغيير صيغة العقود بشكل أحادي، ويعانون من الاستغلال الجسدي والنفسي، ناهيك عن أنهم لا يمنحون الراتب الذي يوعدون به، وتُختطف الكثير من النساء للعمل في قطاع الدعارة.
ظاهريا، تعبّر حكومات الإمارات عن امتعاضها من هذه الممارسات، وأحيانا تقوم بترحيل أحد القوادين الذين يتم القبض عليهم، ولكن المهربين في مجال الاتجار بالنساء يعملون تحت حماية الحكومة التي تقدم نفسها على أنها جنة الزائرين، حيث يصبح البشر أيضا سلعة للاستهلاك.
إن هذه الانتهاكات واسعة النطاق -تقول هآرتس- تُوثق بشكل مستمر، وهناك سبب وجيه يجعل وزارة الخارجية الأميركية تقر منذ 2017 مجددا بأن الإمارات العربية المتحدة لا تستجيب لأدنى معايير مكافحة الاتجار بالبشر.
اتجار بالنساء
وخلال هذا العام، أعلن البرلمان الأوروبي قبل بضعة أشهر من توقيع اتفاق أبراهام مع إسرائيل بشكل استعراضي وانطلاق مهرجان السياحة والمشاريع المشتركة بين تل أبيب وأبو ظبي أن "الكثير من الدول في الشرق الأوسط لا تلتزم بالمعايير الدولية في مكافحة الاتجار بالبشر. ودول مثل البحرين والسعودية والإمارات ولبنان تعتبر الأسوأ من حيث الانتهاكات، وأكثر التطورات إثارة للقلق هي أننا شهدنا اتجارا بالنساء لأغراض العبودية".
كما فضح تحقيق أجري خلال العام الماضي بثه التلفزيون اليوناني العنف والجرائم التي تحدث بعلم السلطات الإماراتية. وقد رجح الصحفيون الذين قاموا بهذا التحقيق أنه في دبي وحدها توجد 45 ألف امرأة عالقة في شبكات الدعارة. ولا يقتصر الاتجار بالبشر على النساء فحسب بل هناك أيضا الكثير من المراهقين الذكور الذين يقدمون خدمات لزبائن الجنس من كل أنحاء العالم، أو "زوار لاس فيغاس الشرق الأوسط".
بعبارات أخرى -تختم الصحيفة- فإن واحدا من أهم المشاريع المشتركة بين إسرائيل والإمارات التي انطلقت مؤخرا، هو توفير الزبائن من طرف إسرائيل والخدمات الجنسية من طرف دبي.
ويبدو أن الكثير من الرجال الإسرائيليين الذين يسافرون إلى دبي هذه الأيام متخفين بواجهة رجال الأعمال، يعلمون هذا الأمر جيدا، وأي شخص غير مستعد للتعاون مع هذا القطاع القائم على استغلال البشر، يجب عليه أن يكون على علم بأن الرحلة إلى دبي والعمل المشترك معها، يشبه إلى حد كبير مشاهدة عملية اغتصاب جماعي دون أن تحرك ساكنا.