أعلن بيان لحزب "البعث العربي الاشتراكي"، فجر اليوم الإثنين، وفاة نائب الرئيس العراقي السابق، وعضو مجلس قيادة الثورة قبل الاحتلال الأميركي للعراق، عزة إبراهيم الدوري، عن عمر قارب ثمانين عاماً.
ووفقاً لبيان أصدره حزب "البعث" وأكدته مصادر مقربة منه، فإن الدوري توفي داخل العراق، وهو عكس ما كان يشاع عن وجوده في دول مجاورة للعراق وأخرى بعيدة عنه منذ سنوات طويلة.
وجاء في بيان الحزب: "على أرض العراق أرض الرباط والجهاد، ترجل اليوم من على صهوة جواده فارس البعث والمقاومة القائد المؤمن الهمام الرفيق عزة إبراهيم، وهو في أعلى قمم المجد والعطاء، ثابتاً صابراً محتسباً مؤمناً بمسيرة البعث وبحق أمته وشعبه بالحياة الحرة الكريمة"، بحسب ما جاء في البيان الذي طالب من أسماهم "الرفاق المناضلون بالعمل وفقاً لوصية الدوري والتمسك بمبادئ البعث وتقاليده التنظيمية".
وبوفاة الدوري (78 عاماً)، يكون قد رحل آخر رجال الحلقة الأكثر قرباً من الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بعد وفاة طارق عزيز وطه ياسين رمضان.
ورصدت واشنطن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن الدوري، بينما رصدت الحكومات العراقية المتعاقبة مكافأة مالية لم تحدّدها لمن يبلغ عن مكان وجوده، وأعلنت جهات عراقية عدة في أكثر من مرة قتل الدوري، كان آخرها عام 2015، حيث أظهرت صورة رجل سبعيني وقد تم إعدامه من قبل مليشيا "العصائب"، إلا أنه تبين فيما بعد عدم صحة ذلك، وأنه راعي أغنام يدعى شعلان البجاري. وبلغ مجموع إعلانات قتل الدوري واعتقاله أكثر من 15 بين عامي 2003 و2017، بحسب ما أحصاها "العربي الجديد".
وفي عام 2007، صرّح الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني بأن الدوري في اليمن، قبل أن ترد الخارجية اليمنية ببيان نفي لذلك، ثم أُعلن أنه في سورية على لسان مستشار الأمن الوطني بار صولاغ عام 2008، ولكن سورية نفت ذلك، قبل الإعلان عن أنه في السعودية بضيافة الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز، وقد نفت الرياض ذلك أيضاً.
وفي إبريل/نيسان 2008، أُعلن عن اعتقاله في شمال العراق، لكن تبين أنهم اعتقلوا شبيهاً له فقط، وظهر الدوري في عدة تسجيلات مصورة، كان آخرها عام 2018، وهو بالزي العسكري التقليدي العراقي بذكرى تأسيس حزب "البعث"، وسبق أن ظهر بتسجيل آخر اعتذر فيه عن غزو العراق للكويت.
وللدوري 11 ابناً، أكبرهم أحمد، ويُلَقَّب بأبي أحمد وأبي حمراء، وهي ابنته الصغرى، وتزوج خمس نساء، وينتمي الى عشيرة المواشيط، وينتسب لبلدة الدور في محافظة صلاح الدين، وهو من عائلة صوفية قديمة. عمل في حزب "البعث" في السنوات الأولى لتأسيسه، وارتبط اسمه مع آخرين مقربين بمؤسسه ميشيل عفلق، وتولى مناصب حساسة بالدولة العراقية بعد عام 1979، دوماً ما ارتبطت في كونها تأتي ثانية بعد صدام حسين، مثل نائب رئيس الجمهورية ونائب القائد العام للقوات المسلحة ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة.
وفي السياق، قالت مصادر عراقية في مدينة الدور، إن عزة الدوري لم يدفن بالمدينة بل بمكان آخر من محافظة صلاح الدين، وبحضور عدد قليل من مقربيه كانوا يكفلون حمايته طوال السنوات الماضية.
وتحدث مقرب من حزب "البعث" العراقي عن أن قيادة الحزب القومية، التي كان الدوري على رأسها، قد تنتقل إلى علي الريح السنهوري، أمين سر قيادة قطر السودان للحزب.
وتمثّل وفاة الدوري نهاية واحدة من أطول المطاردات الأمنية في العراق، حيث استمرّ لغز الدوري حاضراً في كل الملفات العراقية السياسية والأمنية، واستُخدم من قبل أحزاب حالية في التخويف من تخطيطه لانقلاب عسكري، وهو ما ردّده مجدداً، الشهر الماضي، القيادي بالمجلس الإسلامي ووزير الداخلية السابق باقر صولاغ، الذي قال إن الدوري يعدّ العدة بشمال العراق للقيام بانقلاب عسكري، وهو ما أثار موجة من ردود الفعل، بعضها كان ساخراً، من استمرار مثل هكذا طروحات.