أثاث عائم، والقوارب باتت وسيلة للتنقل، والمنازل خاوية من البشر والطمأنينة، مشاهد لن تخطئها العين، في منطقة "أم دوم" شرق العاصمة السودانية الخرطوم، بعدما فرق شملها فيضان غير مسبوق بالبلاد.
تحولت الحياة وفق تلك المشاهد بصورة كاملة، إلى أشبه بجزر نائية، غمرتها مياه الفيضان من الداخل والخارج يومي الأحد والإثنين، وسط منازل تفتقد البشر والطمأنينة، ومخاوف تلمع في عيون كثير من سكان المنطقة.
مصور الأناضول، خاض تجربة السير في بحور ذلك الفيضان الذي غمر شوارع "أم دوم"، وعلى بعد أمتار منه يسير مواطن سوداني، يحمل في يديه ما تبقى لديه من الحياة.. حذاء يخشى عليه من البلل.
وليس ببعيد، شاب في العقد الثالث يخطو على أكياس ممتئلة بالرمال وضعت فوق مياه تلك الفيضان ليسير عليها المتضررون، أملا في إنقاذ ملابسهم واحتياجاتهم.
لكن لا مفر فليس كل الأمكنة بها تلك الأكياس، وهو ما اضطر الشاب ليسير في المياه غير مكترث بلونها المتغير، ومثله يفعل كثير بتلك المنطقة.
يخطف الأنظار بالمنطقة، انهيار عشرات المنازل، حيث يقول بعض من سكانها إنها واجهت فيضانا وسيولا قبل يومين، بطريقة غير مسبوقة.
وباتت المراكب، هي وسيلة التنقل، لإنقاذ أغراض المتضررين، في ظل كميات المياه الكبيرة والمتراكمة، والتي صارت أشبه ببحر صغير.
حلم الحصول على غرض من منزل آيل للسقوط أو انهار تحت تأثير تلك المياه الكبير، ليس أقل منه بحسب السكان أوجاع انتظار المساعدات الإنسانية، لسد قوت اليوم وإنهاء قلق الأسر.
عشرات الأسر، وفق مشاهدات، باتت بلا مأوى، مما دفعها الأحد لإطلاق نداءات استغاثة إلى السلطات المحلية لمد يد العون لهم.
علي محمد، أحد المتضرريين يقول للأناضول: "نريد خياما، وهناك أسر في الشوارع، لا نريد إلا مراعاة الناس المتضررة".
ويضيف والمياه تحاصره من كل جانب: "هناك أسر لا تملك قوت يومها، كهرباء مقطوعة، نريد الاهتمام من المسؤولين قبل فوات الأوان".
هذه الصرخة التي ينقلها أحد المتضررين، جزء مما يعيش فيه سكان تلك المنطقة، لكن الخوف والقلق من مجهول ذلك الفيضان الذي هاجم منازلهم بلا رحمة، وجد صداه بشكل أسرع بمنصات التواصل.
وأطلق مغردون بمنصات التواصل هاشتاغ (وسم) "من قلبي سلام للخرطوم"، وجد تفاعلا كبيرا مع وصول أعداد الضحايا جراء الفيضان بالبلاد إلى 102 منذ الخريف.
والسبت، أعلن مجلس الدفاع والأمن السوداني، حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر؛ لمواجهة السيول والفيضانات، واعتبارها "منطقة كوارث طبيعية".
ويبدأ موسم الأمطار الخريفية في السودان من يونيو/حزيران، ويستمر حتى أكتوبر/تشرين أول، وتهطل عادة أمطار قوية في هذه الفترة، وتواجه البلاد فيها سنويا فيضانات وسيولا واسعة.