سيترك الملك سلمان بن عبد العزيز العرش، والدور المحوري لبلاده في العالم الإسلامي يتآكل، وعلاقتها مع أميركا ستنخفض، وتسامح أوروبا غير المشروط مع سلوكها العدواني سيقل، ولن تجد حلفاء أقوياء لحمايتها مثل حلفائها التاريخيين.
كتبت ذلك الباحثة السعودية مضاوي الرشيد في مقال لها بموقع ميدل إيست آي البريطاني (Middle East Eye) في عمودها الثالث ضمن سلسلة تقييم تراث الملك سلمان، مشيرة إلى أن خليفته سيصعب عليه تأمين حلفاء دوليين للمملكة.
وأوضحت الرشيد أنه منذ اكتشاف النفط في السعودية في ثلاثينيات القرن الماضي كانت المملكة مركزا مهما للمصالح الغربية في الشرق الأوسط، وأن هذه المكانة ستتآكل تدريجيا في ظل سوق الطاقة العالمي المتغير، وأن علاقة الرياض الخاصة مع واشنطن ستنخفض، مما يترك البلاد عرضة لمخاطر إقليمية ودولية.
أميركا وأوروبا
وتقول الرشيد إن السعودية قد لا تضمن الدعم غير المشروط من رئيس أميركي مستقبلي، ولا يمكن لها أن تتجه إلى أوروبا، وهي كتلة غربية أخرى دعمت المملكة تاريخيا ولم تتحدَ تجاوزاتها على الصعيدين المحلي والإقليمي.
ولا يزال المزاج العام في أوروبا متشككا في استمرار تقديم دعمه الكامل لولي العهد الشاب محمد بن سلمان، باستثناء بريطانيا، حيث تظل كل من فرنسا وألمانيا على حذر، وقد تنجح قواهما السياسية في وقف الصمت التاريخي بشأن انتهاكات المملكة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، ولا يزال البلدان مترددين في دعم مغامرة المملكة الوحشية في اليمن أو تأييد موقف المواجهة بشكل كامل ضد طهران، العدو اللدود للرياض.
وبعد الأخبار التي تحدثت عن تلقي ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس رشاوى بقيمة 100 مليون دولار من الملك الراحل عبد الله واضطراره إلى الفرار من بلاده فإن هناك قدرا أقل من التسامح في التعامل غير المشروط مع السعودية.
وستجد السعودية -كما تقول الكاتبة- نفسها مضطرة لتوطيد العلاقات مع الصين وروسيا، وهما حليفتان أقل قوة وولاء مقارنة بحلفائها التاريخيين في الغرب، كما أن القدرات العسكرية للمملكة لا تزال مرتبطة بالغرب، وكذلك خطط التدريب الأميركية.
قيادة العالم الإسلامي
ومع وجود عالم إسلامي ممزق ومستقطب لن تتمكن المملكة من ادعاء القيادة على الدول السنية التي تتشكك بشكل متزايد في هيمنتها لأسباب مختلفة.
فمن باكستان إلى إندونيسيا لن يجد الحاكم القادم في السعودية إلا القليل ممن يحترمونه، وهو الشاب الذي يرتبط بشكل متزايد بالمؤامرات والقتل، وستواجه قيادة السعودية للعالم الإسلامي السني تركيا التي تطمح لإزاحة المملكة تدريجيا وتقويض نفوذها.
صنع أعداء جدد
ومع قلة الدولارات -تقول الرشيد- في خزائن السعودية، والاقتصاد المنهك خلال جائحة كورونا، والبيئة المعادية للعمال المسلمين، والترحيل المنتظم للمهاجرين الآسيويين والأفارقة يتشكك المسلمون في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد في القيادة السعودية.
وتاريخيا، اعتبرت دول عديدة السعودية قوة للاستقرار في المنطقة، لكن التدخلات الدبلوماسية والعسكرية السعودية العدوانية في المنطقة -من مصر إلى اليمن إلى البحرين- تحدت الحكمة القديمة بشأن دورها الخيري.
وختمت الكاتبة مقالها بأنه "منذ عام 2011 كسبت المملكة أعداء جددا بين النشطاء العرب المؤيدين للديمقراطية، لكن رسل الديمقراطية الغربيين والمدافعين عنها غضوا الطرف حتى واجهوا القتل الوحشي للصحفي السعودي جمال خاشقجي".