[ كوشنر: معظم العالم العربي تجاوز المرحلة التي كانت فيها القضية الفلسطينية عقبة أمام السلام (غيتي) ]
صرح جاريد كوشنر المستشار الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن إبرام اتفاقيات سلام بين إسرائيل ودول الخليج العربية الأخرى كتلك التي تم التوصل إليها مع الإمارات لا مناص منه، وأن الأمر لا يعدو أن يكون مسألة وقت.
وقال كوشنر في مقابلة حصرية أجرتها معه مجلة نيوزويك الأميركية (Newsweek) إن دولا عديدة تراقب ذلك عن كثب لمعرفة كيف سيكون رد الفعل على مثل تلك الخطوة.
وأضاف أن "الجيل الجديد في المنطقة متحمس جدا (لتلك التطورات)، وبعض كبار السن لا يزال ينتابهم الحنين إلى الماضي ولا يريدون الإقدام على أي مخاطر، لكن الواقع أن معظم تلك البلدان تريد لاقتصادها أن يتطور، وهي تدرك أنها بامتناعها عن ذلك إنما تنساق وراء إيران ورغبتها في شرق أوسط متصدع وفوضوي".
ووفقا لمجلة نيوزويك، فإن زيارة دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض عقب توليه الرئاسة الأميركية مباشرة في عام 2016 لم تكن هي الوحيدة التي حركت المياه الراكدة في الشرق الأوسط.
انتهت العقبة الوحيدة
وأعرب كوشنر في لقاءات سابقة مع المجلة نفسها عن اعتقاده هو والرئيس ترامب بأن معظم العالم العربي تجاوز المرحلة التي كانت فيها العقبة الرئيسية الوحيدة التي تحول دون تحقيق السلام بين إسرائيل والعرب هي "تسوية القضية الفلسطينية، وإنهاء سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية".
وتمثلت الخطوة الأولى الكبيرة التي اتخذتها إدارة ترامب لتعديل الشروط الخاصة بأي اتفاق في الشرق الأوسط في نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في عام 2018، في تحدٍ للمخاوف من إشعال غضب "الشارع العربي".
ومن وجهة نظر كوشنر -الذي تصفه نيوزويك بأنه كان وسيطا رئيسيا في اتفاق إسرائيل والإمارات- فإن "العامل المشترك بين جميع القادة في إسرائيل أو السعودية أو الإمارات أو قطر أنهم جميعا يريدون أن يروا الشعب الفلسطيني يعيش حياة أفضل".
أكثر تشاؤما
لكنه يعود ليزعم أن الشعوب باتت أكثر تشاؤما حيال قدرة القيادة الفلسطينية على جعل أي اتفاق نهائي يمضي إلى الأمام.
وفي إجابته عن سؤال نيوزويك عما إذا كان الاتفاق الذي أبرمته إسرائيل مع الإمارات منح الولايات المتحدة وتل أبيب نفوذا على السلطة الفلسطينية بحيث يدفعها إلى طاولة المفاوضات، قال كوشنر إنه لا يرى داعيا لاستخدام كلمة "نفوذ"، بل يفضل استخدام لفظة "ثقل".
وشدد كوشنر على أنه في ظل خطة السلام التي طرحتها الإدارة الأميركية العام الماضي فإن لدى الفلسطينيين الآن كل ما طلبوه "هم أرادوا من إسرائيل طرح خريطة تتضمن مقايضة الأراضي، وأن تكون لهم عاصمة في القدس، وأن يكون ملك الأردن صاحب الوصاية على المسجد الأقصى حتى يتمكن جميع المسلمين من الصلاة فيه، كما أنهم أرادوا أن تمنح لشعبهم فرصة اقتصادية".
وعلقت نيوزويك على حديث كوشنر بشأن هذه النقطة بالذات قائلة إن من الجلي أن القادة الفلسطينيين لا يتفقون مطلقا مع توصيف المسؤول الأميركي هذا، فقد رفضت السلطة الفلسطينية خطة ترامب-كوشنر للسلام باعتبارها مبادرة فاشلة لعدة أسباب، منها أنها لا تمنح الفلسطينيين سيطرة على أمنهم أو حدودهم، وهما من السمات الأساسية للدولة.
النادي البراغماتي الواقعي
وسألت المجلة المستشار الخاص لترامب وصهره قائلة: كيف لاتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات أن يحدث تغييرا في حركة القوى المحركة للشرق الأوسط؟ فأجاب بأن ما يجري الآن في المنطقة هو "انقسام واضح جدا بين دول أسميها النادي البراغماتي الواقعي، والتي ترغب في أن تكون جزءا من العملية، وهذه دول تركز شعوبها على التمكين الاقتصادي والتسامح والأمن".
وأضاف "ثم هناك المعسكر الأكثر إسلامية (…) ذلك الذي يحاول صب الزيت على نار الصراعات القديمة حتى يحافظ على حالة عدم الاستقرار في المنطقة، ومعظم الدول تختار التقدم".
وبشأن ما إذا كانت السعودية والبحرين ستحذوان حذو الإمارات في تطبيعها مع إسرائيل، يعتقد وسيط التطبيع الأميركي أن هذه "حتمية"، وهي ليست سوى "مسألة وقت".
أما متى انخرط الإماراتيون والإسرائيليون في المفاوضات التي انتهت إلى تطبيع العلاقات بينهما فقد كشف كوشنر أنها بدأت قبل نحو عام ونصف العام.
واعتبر المسؤول أن المحادثات استغرقت بعض الوقت، فقد تخللتها الانتخابات الإسرائيلية وتفشي فيروس كورونا المستجد، كما أن إسرائيل لم تكن لديها حكومة حينها.
مصلحة إيران بالفوضى
وردا على سؤال بشأن الكيفية التي ينظر بها الإيرانيون إلى هذه التطورات، قال كوشنر إن إيران تنمو وتزدهر بإحداث انقسامات في كل دولة بالشرق الأوسط عبر غرسها بذور الفوضى.
وأشار إلى أن إيران حاضرة بقوة في لبنان واليمن، مما أدى إلى إخفاق حكومتي البلدين، كما أن وجودها القوي في سوريا "تسبب في كارثة".
وأضاف أن لإيران حضورا قويا أيضا في العراق إلا أنه تقلص حاليا.
وزعم المسؤول الأميركي أن إيران ضعفت كثيرا الآن بعد أن تسلم ترامب السلطة في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن صادرات طهران من النفط بلغت صفرا بعد أن كانت تصدر في اليوم 2.6 مليون برميل.
وقال إن إيران لم تعد ترسل أموالا كثيرة إلى الحركات التي تقاتل بالوكالة عنها في الدول العربية الأربع التي ورد ذكرها آنفا، مضيفا أنها تعاني من مشاكل جمة.
وما دامت إيران تواصل ترديد الهتاف "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل"، وما فتئت تمول "الإرهاب" وتسعى لزعزعة الاستقرار عبر الأسلحة النووية فإنها بذلك ستجعل شعبها يدفع ثمن أفعالها، بحسب كوشنر.