شنّ الأمير محمد بن سلمان -بعيد تعيينه وليا للعهد في السعودية- حملة اعتقالات في صفوف معارضيه في الداخل، وحاول وضع يده -ترغيبا وترهيبا- على عدد من خصومه في الخارج، وفي تلك الأثناء تشكلت فرقة النمر أداة "خشنة" للانقضاض على بعض هؤلاء.
تعرف العالم على فرقة النمر بعد التصفية البشعة للصحفي جمال خاشقجي، وتتكون من نحو 50 من عناصر المخابرات والجيش وخبراء الطب الشرعي الذين تم تجنيدهم من مختلف أجهزة الحكومة السعودية.
يقوم أعضاء فرقة النمر بعمليات قتل سرية، ويمتلك أعضاؤها خبرات في تحديد الهدف وتصفيته والتستر على الجريمة.
وتتحرك الفرقة بتوجيه وإشراف من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومستشاره السابق سعود القحطاني، وبدعم من بدر العساكر مديرِ المكتب الخاص لولي العهد السعودي.
أشهر عملياتها
وتعتبر عملية قتل وتقطيع الصحفي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول في قنصلية بلاده بإسطنبول، من أشهر عمليات الاغتيال التي نفذتها هذه الفرقة حتى الآن، ولكن المؤكد -وفقا لوسائل إعلام غربية عديدة- أنها ليست عملية القتل الوحيدة التي ارتكبتها تلك الفرقة التي تبدو طريقة عملها ونوع العمليات المعتمدة في تنفيذ جرائمها مثيرة للاهتمام.
وبعد انفضاح أمر جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول، خلصت تحقيقات صحفية إلى أن تلك الفرقة السعودية السرية التي أُطلق عليها اسم "فرقة النمر"، تشكلت بأوامر قيادات عليا جدا في المملكة، وأوكل إليها تنفيذ عمليات خارج نطاق عمل الأجهزة الأمنية السعودية، إلا أن مقتل خاشقجي فضح أمرها.
وأظهرت التحقيقات أن مهمة هذه الفرقة تتلخص في تصفية كل من يعارض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ولا يقتصر الأمر على المواطنين السعوديين، بل كان من ضمن مهامها تصفية شخصيات إيرانية.
أبرز العناصر
وضمت فرقة النمر 50 فردا من أفضل العناصر الاستخباراتية والعسكرية في المملكة، وقد جندت المجموعة من أفرع مختلفة من الأجهزة الأمنية السعودية التي فيها العديد من مجالات الخبرة، وأعضاؤها موالون لولي العهد في الرياض.
ومن أبرز عناصرها:
– المقدم مشعل فهد السيد، وهو أحد كبار خبراء الحمض النووي في الإدارة العامة للأدلة الجنائية بوزارة الداخلية السعودية. درس في قسم الأدلة الجنائية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض، إلى جانب صلاح الطبيقي اختصاصي الطب الشرعي الذي استخدم منشار العظام في قتل وتقطيع الراحل جمال خاشقجي.
– خالد إبراهيم عبد العزيز القاسم، ويعمل فنيا في الحمض النووي بالإدارة العامة للأدلة الجنائية في وزارة الداخلية السعودية.
– سعود عبد العزيز الصالح، وهو ضابط استخبارات عسكري كبير في إدارة المخابرات بوزارة الدفاع السعودية، وكان المنسق أو القائد للفرقة.
– إبراهيم حمد عبد الرحمن الحميد، ويعمل في وزارة الخارجية السعودية بالرياض.
مطاردة الجبري
في يوليو/تموز 2018، نجح ولي العهد بن سلمان ووكلاؤه في زرع برنامج تجسس في هاتف سعد الجبري، بعد تلقيه رسالة مع ملف فيديو على تطبيق واتساب من صحفي سعودي كان يعرفه في المملكة.
احتوى ملف الفيديو برامج تجسس سمحت بالوصول إلى المعلومات على هاتف الجبري، وربما حتى موقعه بشكل دقيق.
وفي مايو/أيار 2018 حصلت فرقة النمر على تأشيرات سياحية إلى كندا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، وبعد أقل من أسبوعين من عملية قتل الصحفي جمال خاشقجي، سافرت فرقة النمر إلى كندا من أجل تصفية الجبري.
إف بي آي يترصدهم
قبيل وصول فرقة النمر إلى كندا، أرسل مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي "إف بي آي" (FBI) للسلطات الكندية، معلومات استخباراتية بموعد وصول الفرقة إلى كندا.
حاول عناصر الفرقة دخول مطار أونتاريو الدولي عبر أكشاك منفصلة، وأنكروا معرفتهم ببعضهم بعضا، مما أثار شكوك مسؤولي أمن الحدود الذين حولوهم من أجل إجراء فحص مدقق، لكن سلطات المطار وجدت في إحدى حقائبهم صورة تجمع أفراد الفرقة.
كما وجد أمن الحدود حقيبتين بحوزة الفرقة فيهما أدوات للطب الشرعي.
البحث عن مخرج
أصيب أعضاء الفرقة بالذعر لعدم استعدادهم لهذا التحقيق غير المتوقع، فطلبوا استدعاء محامي السفارة السعودية، ولكن المحامي نصح المجموعة بالادعاء أنها سافرت إلى كندا للتحضير لزيارة وفد سعودي رفيع المستوى، والقبول بترحيلهم لتفادي مزيد من التحقيق.
رفضت السلطات الكندية السماح بدخول عناصر الفرقة باستثناء إبراهيم حمد عبد الرحمن الحميد، الذي يعمل في وزارة الخارجية السعودية، ولديه جواز سفر دبلوماسي.