[ مقاتلون من قوات حكومة الوفاق في محيط مدينة سرت (وكالة الأناضول) ]
وصف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) الوضع في ليبيا بالحرج، وعبّر عن قلقه من الوجود الروسي فيها، وبينما تواصل قوات حكومة الوفاق الوطني التحضير لمعركة سرت المرتقبة، صعّدت فرنسا لهجتها ضد تركيا وسط تقارير عن سعي أنقرة لإقامة قاعدتين على الأراضي الليبية.
ففي مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء قبيل اجتماع وزراء دفاع الحلف الأطلسي في بروكسل، قال الأمين العام للناتو ينس ستولتبرغ إن الوضع الليبي حرج وخطير ويدعو للقلق، خاصة فيما يخص العثور على مقابر جماعية خلفتها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وراءها في مدينة ترهونة (80 كيلومترا جنوب شرق طرابلس).
وأضاف أن الحلف الأطلسي قلق من تزايد الوجود الروسي في شرق المتوسط، خاصة في ليبيا، مشددا على أهمية التوصل لحل سياسي في ليبيا تحت مظلة الأمم المتحدة.
ويأتي تصريحات ستولتبرغ بشأن الوجود الروسي في ليبيا في وقت قدرت فيه قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) عدد المرتزقة الروس الذين يقاتلون حاليا في صفوف قوات حفتر بنحو ألفي مرتزق.
وكانت أفريكوم أكدت حديثا أن روسيا زوّدت حفتر بطائرات حربية، ونشرت صورا تظهر بعض هذه الطائرات في قاعدة الجفرة الجوية (650 كيلومترا شرق طرابلس)، في حين أكدت قوات حكومة الوفاق أن المرتزقة الروس يعملون على تلغيم مدينة سرت ومحيطها مثلما لغموا من قبل ضواحي طرابلس الجنوبية.
وبالتزامن مع تصريحات ستولتبرغ، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتحاد قلق من تصاعد التوتر في ليبيا.
وأضاف أن الوضع في شرق المتوسط يزداد سوءا، وتابع أن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي سيناقشون العلاقات مع تركيا في ظل ما وصفها بالأحداث الجارية المقلقة، في إشارة إلى دور تركيا في الانتصارات العسكرية التي حققتها أخيرا حكومة الوفاق الليبية، حيث أنهت وجود حفتر العسكري غربي البلاد.
وفي وقت سابق، دعا الاتحاد الأوروبي إلى وقف عاجل لإطلاق النار في ليبيا، وهو الموقف نفسه الذي عبرت عنه الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
تصعيد فرنسي
سياسيا أيضا، قالت الرئاسة الفرنسية أمس إن دور أنقرة في ليبيا غير مقبول وعدائي ولا بد أن ينتهي.
وأضافت في بيان أن حكومة الوفاق الليبية تواصل الهجوم بدعم تركي هائل رغم الموافقة على بحث وقف إطلاق النار.
كما قالت الرئاسة الفرنسية إن باريس دعت لمشاورات مع شركائها في حلف شمال الأطلسي لبحث الدور التركي في ليبيا.
وتأتي التصريحات الفرنسية بعد رفض أنقرة المبادرة المصرية حول ليبيا، التي دعمتها دول توصف بأنها داعمة لحفتر، بما فيها فرنسا.
كما تأتي في وقت تجري فيه تركيا محادثات مع حكومة الوفاق بشأن احتمال استخدام قاعدتي الوطية الجوية غربي البلاد، وقاعدة مصراتة البحرية شرق طرابلس، وفق ما نقلت وكالة رويترز عن مصدر تركي.
وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف إن بلاده وتركيا على تواصل لدفع الأطراف الليبية إلى التفاوض.
وكان يفترض أن يزور لافروف إسطنبول الأحد ليبحث الملف الليبي مع نظيره التركي مولود تجاويش أوغلو، لكنه أجّل زيارته إلى موعد لم يحدد بعد، وذلك في ظل تباين بين أنقرة وموسكو بشأن الوضع في ليبيا.
وبينما قال مسؤول تركي إن من أسباب تأجيل زيارة لافروف هو اعتزام قوات حكومة الوفاق الليبية شن عملية عسكرية لاستعادة مدينة سرت، نفى وزير الخارجية مولود تجاويش أوغلو وجود خلافات بين بلاده وروسيا بشأن المبادئ الأساسية لوقف إطلاق النار في ليبيا.
معركة سرت
عسكريا، تواصل قوات حكومة الوفاق إرسال التعزيزات إلى مدينة سرت (450 كيلومترا شرق طرابلس)، وأفاد ناشطون بأن مقاتلين من مدينة زوارة الواقعة غربي البلاد انضموا إلى القوات المرابطة غرب سرت.
وكانت قوات الوفاق تقدمت قبل نحو عشرة أيام مسافة 120 كيلومترا تقريبا، ووصلت إلى أطراف سرت، بيد أنها واجهت حقول ألغام وتعرضت لغارات جوية أوقعت خسائر في صفوفها، مما دفعها للتراجع إلى بوابة الثلاثين لتصبح على بعد 50 كيلومترا من وسط المدينة.
ونقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن الناطق باسم غرفة العمليات المشتركة في سرت الجفرة بقوات الوفاق العميد عبد الهادي دراه، أن مدينة سرت خط أحمر بالنسبة لهم، ولن يتنازلوا.
من جهته، قال القائد الميداني بقوات الوفاق اللواء حسين الشلتاتي إن قواتهم تتقدم نحو سرت بعد أن تلقت تعليمات بذلك من رئيس المجلس الرئاسي للحكومة فايز السراج، مضيفا أن قوات الوفاق وعلى الرغم مما تعرضت له من قصف وصعوبات أخرى، فإنها مستمرة في الاستعداد وتنتظر الأوامر لبدء العملية.