[ سد النهضة مثار الخلاف بين مصر واثيوبيا ]
فشلٌ جديد قدَّمه النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي للمصريين، ويتمثل هذه المرَّة بنهر النيل شريان الحياة الوحيد للملايين، بعد إعلان وزارة الري المصرية وصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود" مع إثيوبيا.
وتكمن الأزمة التي لم يستطع النظام المصري حلها أو التخفيف من خطورتها على الأمن المائي للبلاد، في سد النهضة الإثيوبي الذي يقع على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية.
ودائماً حذَّر الخبراء في مصر والسودان من تأثيره على تدفق مياه النيل والحصة المتفق عليها، في حين تخطط أديس أبابا لإكمال بناء السد عام 2023، وترفض تقديم أي تنازلات حوله، وتنظر إليه باعتباره أحد أشكال السيادة.
وكان السيسي قد وقَّع مع قادة إثيوبيا والسودان، في مارس 2015، "اتفاق المبادئ"، وهو اتفاق أكسب أديس أبابا "قوة دفع هائلة مكَّنتها من امتلاك زمام الأزمة"، وجعل في الوقت نفسه "الموقف المصري على مستوى التفاوض ضعيفاً"، بحسب دبلوماسي غربي تحدَّث لصحيفة "العربي الجديد".
وتاريخياً عجزت مصر عن مواجهة الأزمات التي ألمَّت بها بسبب انحسار نهر النيل وانخفاض الفيضان؛ لما تسببه من تراجع المحاصيل، وجفاف الضرع، وفراغ المخازن من حبوب القمح، وما يستتبعه من خراب ومجاعات.
المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري المصرية، محمد السباعي، أكد في تصريح صحفي أدلى به اليوم السبت (5 أكتوبر 2019)، عقب محادثات ثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان بالخرطوم، أن "مفاوضات سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود، نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه الطروحات كافةً التي تراعي مصالح مصر المائية وتتجنب إحداث ضرر جسيم لمصر".
وقال السباعي: إن "إثيوبيا قدمت خلال جولة المفاوضات التي جرت في الخرطوم على مستوى المجموعة العلمية البحثية المستقلة، وكذلك خلال الاجتماع الوزاري الذي تلاها في الفترة من 30 سبتمبر وحتى 5 أكتوبر 2019، مقترحاً جديداً يعد رداً على كل ما سبق الاتفاق عليه من مبادئ حاكمة لعملية الملء والتشغيل".
وأوضح أن المقترح الإثيوبي "خلا من ضمان وجود حد أدنى من التصريف السنوي من سد النهضة، والتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد التي قد تقع في المستقبل".
ورفضت إثيوبيا مناقشة قواعد تشغيل سد النهضة، وأصرت على قصر التفاوض، على مرحلة الملء وقواعد التشغيل في أثناء الملء، وهو ما يعد تحدياً صريحاً لمصر، وتهديداً لحصتها في مياه النيل، التي تشكل ما نسبته 95% من مصادر المياه في البلاد.
ما الحل؟
الباحثة ليندا المجايدة تؤكد في دراسة بحثية لها، صدرت في يوليو الماضي، أن سد النهضة يشكل خطراً استراتيجياً على الأمن المائي والأمن القومي المصري والسوداني، نتيجة للتداعيات والآثار السلبية التي سوف تترتب على بنائه في الموقع المخصص، بالمواصفات نفسها التي تحمل كثيراً من الأخطاء الهندسية والفنية.
وتقول المجايدة في دراستها العلمية: "يجمع الخبراء على وجود آثار كارثية مدمرة لسد النهضة على مصر، سواء عند تشغيله أو بدء عملية تخزين المياه وتفاقم الأزمات مع مرور الوقت بعد التشغيل؛ فالآثار سوف تكون كارثية في حالة سقوطه وانهياره؛ لوجود احتمالات كبيرة لانهيار السد".
وتوضح الباحثة أن قضية سد النهضة تمثل تحدياً كبيراً للأمن القومي المصري، بسبب عديد من العوامل؛ منها ما يتعلق بالمماطلة الإثيوبية ومحاولة أديس أبابا شراء الوقت وتثبيت حقائق جديدة على الأرض من خلال سياسة تشكيل اللجان.
وترى أن الخيارات التي يجب على مصر تداركها للحد من تداعيات السد الإثيوبي، هي: العمل على تنمية محور حوض النيل، والبحث عن حلول مُنصفة لقضية سد النهضة، وتعزيز التعاون بين دول حوض النيل، وإقامة مشاريع مشتركة في إثيوبيا ودول المنبع تخدم دول حوض النيل وتعزز التعاون والتبادل التجاري.
وتوصي بأن من الضروري تفعيل سياسة ترشيد الاستهلاك، وعدم الإسراف في استخدامات المياه، وإصلاح نُظم الري المصري، واستخدام أنظمة الري الحديث التي توفر كثيراً من المياه المهدرة.
وتلفت الباحثة إلى أنه يجب إنشاء إدارة مشتركة بين مصر والسودان؛ من أجل إنشاء محطات تحلية بمواصفات دولية وفتح مشاريع استثمارية تخدم البلدين.
وترى أنه ينبغي للحكومة المصرية تسخير طاقاتها البشرية والموارد المائية؛ من خلال عمل قنوات مائية تربط بين البلدين، واستغلالها في إقامة مناطق زراعية تخدم البلدين من خلال تعاون مشترك بينهما.
وتؤكد أنه في حالة استمرار الأزمة من دون حل سياسي من خلال اللجان المختلفة، يتوجب على القاهرة العمل على تدويل قضية سد النهضة؛ لمواجهة المماطلة الإثيوبية والاستمرار في سياسة شراء الوقت وفرض الحقائق على الأرض، عبر رفع القضية إلى مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، باعتبارها قضية تهدد الأمن والاستقرار الدوليَّين.