يؤيدون تفكيك البلاد؛ كي يستعيدوا صنعاء. هذه واحدة من أغرب المقولات السياسية المتحايلة على العقل والمنطق وحتى على الغباء. يقولون : لا وحدة وصنعاء محتلة؛ لكن الانفصال ممكن بل وطبيعي وربما منطقيّ جدًا بنظرهم. لكأن تفكيك البلاد، سوف يمنحنا قوة مضاعفة؛ كي نسترد صنعاء. أي أن تقوية الانفصال، هو خطوة باتجاه استعادة الجمهورية وربما ترسيخ الوحدة. كيف ذلك.. ؟ لا أدري.
نحن أمام تبرير يتخذ طابع التذاكي، هكذا مجرد لعبة لغوية يريدون منك أن تتقبلها، كما لو كانت تكشف عن وعي سياسي عميق يستوجب التسليم به. ينتهجون كل سلوك يضعف جبهة النضال ضد الحوثي، ثم يؤكدون أن سياستهم تصب في صالح تقويض المشروع السلالي. هذا ليس تحايلًا يستغفل الناس؛ بل علامة تيه للوعي وعجز حتى عن تبرير الخيانة.
ما هي الجمهورية..؟ إنها ليست مغسلة لخياناتكم المتواترة، ليست مركبة قابلة للتعويم كما تشاء أهواءكم، هي مفردة مركزية يتناسل عنها مجموعة مفاهيم وقيم سياسية ضابطة للمسير أولها "إرادة الشعب". هل تحترمونها..هل مواقفكم متناغمة معها. هي ليست لافتة يمكن رفعها لتبرير كل شيء بما في ذلك اختطاف دولة الناس وتأييد فصيل مسلح يصادر إرادتهم ويدعي امتلاكه الحق لتقرير مصيرهم. الجمهورية هي تقويض كل الدعوات الفوقية للوصاية على الناس وتحريرهم من أي نزعة سلطوية للتحكم بمصائرهم. نقيض ما يقوم به الزبيدي تمامًا. أنتم تستخدمون ثوب الوحدة لتدمير قيمة الجمهورية في الجنوب والشمال. وليس العكس.
الزبيدي ليس جمهوريًا، ولو ردد النشيد ووضع العلم الوطني فوق جبهته_ وليس السماح لمليشياته أن يدوسوه بالأقدام_ ليس جمهوريًا ما دام يؤمن بالسلاح كوسيلة لتحقيق هدفه. الجمهورية هي نقيض القوة المنفلته. والانفصال كما يجري التمهيد له الآن، هو سلوك نقيض للجمهورية.
مقاومة الزبيدي، هي الفعل الجمهوري الوحيد والأصيل، ما عدا ذلك هو تحايل على مفهوم الجمهورية. منذ زمن وهم يخونون الجمهورية تحت لافتتها، يرددونها كشعار مشرِّف ويعبثون بها تحت أقدامهم. حتى غدت عجيزة منخولة من كل الجهات. أتحدى مسؤول واحد، يعرِّف لي الجمهورية ولو بصيغة مدرسية مبسَّطة.
سيرتبك وينسى أبسط مفاهيمها. إنها الإيمان بأن الشعب هو الفيصل والمرجعبة الوحيدة لشؤون السلطة وليس الدبابة الإماراتية والمال العابر للسيادة. الشعب في مجموعه الكلي وهو متحرر من هيمنة قوة خشنة ترسم له خياراته وتوحي له باتخاذ توجه موالي لها.
أسوأ من الزبيدي هم الجمهوريون المخادعون، من يحاولون تلطيف صورته والمساهمة بتمرير الخديعة تحت لافتة الجمهورية، يعتقدون أن الرجل سيكمل سيطرته ثم يضع قوته وحصاده بين أيديهم ويسمع لهم. يهتدي بما يقولونه ويتوجه نحو صنعاء. هذا المتطرف ضد كل المفاهيم الجمهورية من يمارس احتكارًا متواصلًا للفضاء السياسي ويلغي كل صوت مناهض له في عدن، كيف سيخف تطرفه حين يزداد قوة ويغدو مصير الأمة بكاملها تحت تصرفه. كيف سيصبح جمهوريًا في الغد وهو كافر حتى بالحقوق الجمهورية لأهل الجنوب.
المليشيا تزداد عتوًّا ونفورًا، كلما تضاعفت شهية القوة لديها، والجمهوريون المساومون، يحلمون بصنعاء أن تصير قريبة، حين تصبح عدن بعيدة عنها وقد سارت بدرب نقيض. واصلوا أوهامكم يا عيال الزبيدي. أما نحن فلم نعد نأمل منكم شيئًا، لا بالأمس ولا اليوم ولا غدًا. لنا وطن شارد سندافع عنه ضد كل المتاجرين به حتى الأبد.
*نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك.