اختسف قلبي على احمد علي بعد ان لمحته في هذه الصورة. تقللي معه مدينة بدبي معه مدري ايش ، كل هذه لا تستره ، فقد كان معه الحرس الجمهوري ولم يفرق.
شخصيته مسكين الله ، وأبوه حمله فوق ما يحتمل.
الآدمي ما يحتملش.
يبدو منهكاً من العيش في دبي وكأن عمره ميتين عام.
سلام الله على اليمني العادي الذي لم تهزمه الحروب المتنوعة التي تخاض ضده من الداخل والخارج.
هل هذا هو الذي باع الرئيس صالح اليمن كلها من أجل أن يورث له الرئاسة ؟!
لم يتفوه يوما ما بكلمة عامة تشي بشخصية تستحق حتى ان تقعد على مكتب محافظ.
مرة واحدة تكلم بصوت متهدج داخل هنجر في 2011 وتلعثم ولم يقل كلمتين مفهومتين على بعض.
كُسرت جمجمة والده ولم يظهر حتى معزيا او متظاهرا بالغضب.
من يحتمل العيش في قفص اماراتي ست سنوات هكذا بدون حتى إن يئن أو يتنفس ؟!
كان أبوه صنديدا - اختلفنا او اتفقنا معه.
تلك النحافة التي بدى عليها في 78 ويضعها خصومه موضع ازدراء ، اراها نقطة قوته.
كانت تلك النحافة تعبيرا عن جاهزية عليا لطامح يستعد للانقضاض.
احمد علي روحه ذاوية ولا شيء يشي بأنها تنبض. اهتراء جسده انعكاس لهذا الموت في داخله.
كان ابوه لا يهدأ.
بدى علي صالح في ميدان السبعين يهزر البركاني من المنصة ليفسح مقعدا للسفير السعودي ، وكأنه في العشرين من عمره لا في السبعين.
كان يتقنفز مثل الجدي .
ابنه ميت. كان ميتا وابوه في اوج ديولته ، اما اليوم فحاله يدعو للشفقة.
من ينسى صالح عندما ظهر بعد العملية وكأنه خارج من القبر ليخاطب اليمنيين وليعطي لأنصاره حافزا للتماسك ؟
اقولها هنا ، ولابد ان اقولها ، فمن لا يقدر قوة خصمه ومكامن قوته ، يفتقر الى العدالة.
تخيل رجل عائد من القبر ، لم يأبه لمنظره ولا لشكله ولا لمرضه ، وظهر يهدد ويتوعد ويتحدث.
لطالما تذكرته في هذا المشهد مع كل صمت للرئيس هادي أمام ملمات عظيمة ، مثل قتل طيران الامارات ل 300 من جنوده على مشارف عدن! .
احتاج الرئيس هادي الى شهر ونيف بعد هروبه من صنعاء ، ليظهر متحدثا امام جمع من الناس.
اردوغان تحدث لشعبه عبر الاسكايب.
لو كان صالح في مكان هادي لتحدث ايضا من سيارته.
قلتها مرة على قناة يمن شباب في 2013 مخاطبا هادي : كم نتمنى ان تكون بكفاءة خصمنا صالح. صالح استخدم كفاءته لبناء سلطة خاصة به ولم يستخدمها في خدمة اليمن. لو كان استخدم حنكته من اجل اليمن لتغير حال البلاد جذريا.
نسينا احمد علي. احمد علي مسكين. لا شيء يغري بالاسترسال في شخصه.
ابوه ظهر على بعد خطوات من الموت متماسكا ويخطب ، وابنه يظهر اليوم من دبي وكأنه حصان التحرير ؛ كما علق احدهم عليه.
احمد علي هو حصان التحرير ، حصان التحرير اللي يتصوروا معه زوار الميدان الشهير وسط صنعاء ، لا تحرير اليمن من الاجتياح الداخلي والاحتلال الخارجي.
كم نحن بؤساء في اليمن ، اذ نتأمل في هذا المسكين ونقول في انفسنا : أمن أجل هذا المسكين باعنا وباع بلدنا علي عبدالله صالح ؟
كم هي الإنانية عمياء.
لم يكن الأمر ليفرق في افتقار قضية التوريث للعدالة والمشروعية ، لو كان احمد علي رجلاً. لكن على الأقل كنّا سنقول ان " رجولته " اعمت والده عن خطل قرار التوريث.
العكس هو ما حدث. صالح اعمته انانيته. انانيته التي جلبت اقاربه ليكونوا اركان دولته في بدايتها ، وباعت الكل من اجل هذا المسكين احمد علي في نهايتها.
انانيته " هوسه بالسلطة " التي جلبت لنا " الاخوان المسلمين" في لحظة صعوده ، وجلبت لنا " الإخوان المؤمنين " في لحظة أفوله!