خلاصة القول، أحد وظائف أي دولة في العالم صغرت أو كبرت، ضعفت أو قويت، هي قدرتها على تعريف مواطنيها، أي أنها الجهة الوحيدة التي تمنح الصفة القانونية للمواطنة. ما يحدث في عدن معناه أن هذه الوظيفة المهمة صارت في يد تشكيل مسلح، وسواء كان هذا التشكيل المسلح يحمل نوايا طيبة او غير ذلك، فانه لا يمكن ان يكون واعيا بهذه الوظيفة مهما فعل.
في صنعاء يتصرف الحوثي بمنطق الدولة، فهو لا يزال يتبنى التعريف الذي تتبناه الدولة الخاص بمن هو المواطن، لكنه كالعادة يفعل ذلك من الناحية النظرية، أما الواقع العملي، فيؤكد أن الحوثي له منظوره الخاص للمواطن الذي يجب أن يكون تابعا له وحسب.
على هذا الأساس، يتصرف الحوثي مع الناس، يقتل من يستطيع ويعتقل من يريد، ويصنف الناس وفق مزاجه الخاص.
في القلب من هذا العبث، تسعى السعودية والإمارات لتدمير اليمن لأسباب مختلفة، الإمارات تريد اقتطاع جزء من اليمن تماشيا مع خطتها للعب دور اكبر في المنطقة والحصول على مصالح استثمارية تزيد من قوتها الحالية، أما السعودية، فان بقاء اليمن موحدا يمثل معضلة كبيرة، أما بقاءه جمهوريا، فهو الخطر الأعظم.
لنعترف انه حتى هذه اللحظة، السعودية تحقق أهدافها من الحرب على اليمن، وليس صحيحا انها قد هزمت.
لقد أرادت السعودية هذا الفشل، وسعت اليه، فهي تعتقد ان هذا السيناريو سوف يقلل من حدة الانتقادات والاتهامات لسياساتها تجاه اليمن والتي أدت لهذا التشظي والانقسام والفوضى.
تستطيع السعودية أن تمد الجيش الوطني الموالي لها بدبابات ومدافع لتغيير سير المعركة، لكنها لن تفعل.
يقول النظام السعودي: لا مشكلة أن يشعر الحوثي أنه انتصر وأنه بات قوة كبرى، ولا مشكلة ان يتصور ابن بريك انه قائد استطاع هزيمة الحوثي المرعب، لا مشكلة حتى ان يتصور البعض اننا خسرنا الحرب في اليمن، ففي الحقيقة اننا قتلنا المارد الغافل الذي في الجوار!
* نقلا عن صفحة الكاتب من الفيسبوك