حتى وهو مضرج بالدم، يتصرف الإصلاح بوجل كما لو أنه متهم، يتمسك بوقار شيخ ذليل بدلًا من أن يخرج للصراخ بغضب أب ذبحوا أبناءه، ليثير الرعب في كل مكان ويجبر القتلة أن يكفوا أذاءهم عنه.
الطمأنينة التي يتعامل بها الإصلاح تجاه حوادث الإغتيالات التي يتعرض لها كوادره وأعضاءه، تصيبك بالصدمة. يتقبلون الطعنات بصمت؛ كي لا يثيروا فزع القتلة، يدفنون ضحاياهم بهدوء، ثم يعودون مذعورين ينتظرون ضحية أخرى، شاكرين للقتلة منحهم فرصة لدفن ضحاياهم. هذه ليست حكمة سياسية، هو جبن فاضح، ولا يوجد مكسب في الجبن، بل خسارة مكتملة، خسارة للقيمة واستهانة بكرامة الوجود، وجودك المهدور وخزانك البشري الذي يتعرض للنزيف كل يوم.
يعاني الإصلاح من أزمة وجودية، أزمة يقين بخصوص حقه في الوجود، لقد تمكن خصومهم عبر سياسات التهديد الدائم لهم بجعلهم يستشعرون الوجود كما لو أنه هبه من الخصم ويتقبلونه بأدنى شروطه السالبة للعيش الكريم، ولهذا تجدهم يتعاملون بأدب مهين في حضرة خصوم مجرمين بلا أخلاق.
يفعلون ذلك، بدلًا من أن يقضوا مضاجع القتلة ويلاحقونهم في المحاكم والنيابات ومؤسسات العدالة في الداخل والخارج، انتصارًا للضحايا الذين يتساقطون كل يوم بلا ثمن.
القتلة ليسوا كائنات فضائية قدمت من المريخ وارتكبت الجريمة ثم غادرت كوكبنا، هم معروفين، بشخوصهم ومموليهم ومن يحرضون عليك ويمهدون للجريمة بوقاحة عارية كل يوم، فما الذي يجبرك على مهادنة أمثال هؤلاء وإهانة نفسك بإحترامك الذليل بمهادنتهم..؟
حتى خصمك الذي يرتكب فيك جريمته، يتوقع منك ردة فعل عنيفة، وسوف يظل يترقب طبيعة تعاملك مع تداعيات الجريمة فإذا به يراك تواري جرحك خجلانًا منه كما لو أنك قتلت أخيك بنفسك، حينها سينصدم من برودتك في التعاطي معه بتلك الصورة الباهتة.
وحين يطمئن لتسامح العاجز المهان، سيوغل في العبث بك حتى النهاية. أخيرًا ربما من المفيد أن يدرك الإصلاح فكرة أخيرة: وهو أنه ليس لزامًا عليك أن تظهر كل مرة بوجهك المتسامح ، كن مخيفًا إذا استوجب الأمر، حاد، ومعاكس للتوقعات، كن كل المفاجئات الرادعة لحدوث الأذى مجددًا.