أي تهور من أي طرف عسكري في المدينة نحو صدام مسلح، يفقد الأطراف جميعها مشروعيتها، ويحولها لعصابات نقيضة لعصابات الحوثي الإنقلابية. اكتسبتم مشروعيتكم القانونية من التصدي لعنف الحوثي، وحين تنحدرون لعنف مماثل تفقدون مبرركم الوجودي كليّا، وتغدون بحكم العصابة. وبصرف النظر عن الطرف المدان بشكل أكبر في التسبب بالكارثة، فمجرد فشلكم في إدارة الخلافات يعني أنكم ليسوا بأشخاص صالحين لهذه المرحلة أو عند مستوى تعقيداتها..!
هذا الجيش ليس ملكًا لكم، ونضالاتكم السابقة والجارية لا تمنحكم شيكًا مفتوحًا للعبث بالجيش ومعه تدمير حياة الناس وإغراقها في مزيد من الدم والخراب. علينا أن نتوقف عن إدارة الصراع بمنطق الغلبة، ومن يملك الحق على من، ومن يجب أن ينتصر على الأخر، هذا المنطق الكارثي لا ينتج سوى مزيد من العبث ويضاعف الخراب أكثر، ولن نصل منه لطريق..!
التوترات القائمة في تعز بين قيادة المحور واللواء 35، ليست مجرد صدامات عابرة ناتجة عن سوء تفاهمات إدارية بين الهرم وإحدى قواعده العسكرية، الأمر يعود لخلل بنيوي يتمثل في فقدان التجانس بين مكونات الجيش وغياب الرؤية الموحدة له والضابطة لتحركاته، إلى جانب هذا لا يمكننا أيضًا نفي وجود رغبات متصادمة داخل الجيش تفقد المؤسسة العسكرية تلاحمها الكامل وتولد باستمرار حالة الارتباك التي تعيشها مؤسسة الجيش بين الفينة والأخرى..!
وهذا الخلل الجذري سيظل منبع شقاقات مستمرة، ستوثر بشكل أساسي على هيبة الجيش وتصوره كمجموعة قطاعات متكتلة حول نفسها وجزر معزولة عن بعضها البعض، بل ومتضاربة في توجهاتها في أحايين كثيرة، وهو الطبع، أمر له تداعياته كارثية، على الصعيد الشعبي، حيث سيفقد الجيش ثقة الناس به كأهم مؤسسة يعولون عليها حراسة مشروع الدولة والإتكاء عليها كلبنة أولى في طريق البناء..!
وعلى الصعيد الإقليمي هذا الشقاق يمنح المتربصين بالبلد من خارجها أن يتسللوا للإستثمار في المهزلة، بما يحرف الصراع أكثر عن مجراه المفترض ويحول رفقاء السلاح لمجموعة كتل متناحرة فيما بينها، وذلك بالنسبة للأصابع الخارجية أفضل أجواء خصبة؛ لتمرير مشاريعهم، والنجاح في تعميق حالة الاستقطاب وتحقق الهدف الأكبر في إبقاء البلد_وبالتحديد تعز_ممزقة تتنازعها جماعات من هنا وهناك ولا تقوم لها قائمة..!
نحن في ظرف حساس، والجيش يعيش في مراحله الجنينية الأولى، وأي خلافات بين مكوناته مهما بلغت ومهما كانت المشروعية لطرف على حساب الأخر، بالأخير يجب أن تُحل الخلافات بالتفاهمات. وأي قائد لأي لواء لا يملك الحق في التصرف بلواءه كما يشاء، على الحمادي أن يدرك ذلك، وبالمقابل قيادة المحور يجب أن تتصرف؛ كمظلة حاضنة لكل فرق الجيش ودون أي تعسفات فوقية، أو قرارات إنفرادية تعمق حالة الاستقطاب، ومن الحكمة أن يتصرف الجميع في هذه الفترة وفقًا لمنطق التوافقات، وبما يعزز رسوخ المؤسسة العسكرية، ويوحد الأرضية القيمية التي يستند عليها الجيش، بعيدا عن الولاءات المتنافرة ومنطق الصدام العبثي..!
لعلّ صورة الجيش القادمة من تعز أخر ما كان يتخيله المواطنين من قادة المقاومة الذين تحولوا لجيش اليوم. في البداية توحدا كمقاومة وتصدوا لمشروع العنف الحوثي ضد المجتمع ثم ما لبثوا أن انقلبوا للنقيض وبدأوا يحتشدون تأهبًا لقتل ما تبقى من المجتمع. ..!
قليلا من الخجل وحس المسؤولية، الحوثي يخنق المدينة في الحوبان ويطوقها كاملة من الستين وأنتم تتصارعون في التربة وما جوار التربة..؟!