رغبة السعودية في تدمير الإصلاح أكثر من رغبتها في القضاء على الحوثي. تخوض السعودية حربها ضد الحوثي اضطرارًا؛ وأقصى غاية لحربها عليه هي إخضاعه لها فحسب؛ لكنها بالمقابل تسعى للحرب على الإصلاح إختيارًا، بملء إرادتها وبتصميم منهجي كامل وبهدف القضاء عليه، وإن لم يكن ذلك ممكنًا؛ فيكفي خلخلته أو على أقل تقدير تحجيم تأثيره لأقصى حد ممكن..!
تعيش السعودية حالة من الفوضى الاستراتيجية تصل لدرجة التناقض، تستخدم تكتيك سياسي عشوائي يتصادم كليًّا مع مصلحتها الوجودية كدولة، تُبدد أموالها في تحالفات هشة وشراء ولاءت، وبالمقابل تهدر فرص تحالفات مهمة مع الأطراف الأكثر استعدادا للتضحية معها، بل وأكثر من ذلك تسعى للتضحية بهم وتعمل على تدمير أكثر الأدوات قوة بيديها، وهي بهذا تشتغل ضد نفسها بطريقة مثيرة للرعب، والنتيجة بقاء الدولة السعودية في حالة تخبط مستمر وانكشاف دائم ..!
تبدع السعودية في تدمير حلفاءها كما لا ينازعها أحد في هذه الموهبة، تمارس وصاية مشيخية عليهم، تحولهم لأتباع ضعفاء وتٌذلهم ثم تنتهي بالتخلي عنهم كليًّا وفي حالات أخرى، الحرب ضدهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وتُعرضهم للإحراج أمام شعوبهم وجماهيرهم. وكمثالين بسيطين لهذه السياسة الكارثية: تأمل كيف تعاملت بالأمس القريب مع رفيق الحريري وكيف تتعامل اليوم مع حزب الإصلاح في اليمن، وانتظر تقييم النتيجة..!
الحريري انتهى به الحال مهزومًا واهتزت ثقة التيار السني به وخسر نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان في الإنتخابات الأخيرة، وبالطبع، حدث ذلك، لأسباب كثيرة متراكمة، تجلت نتيجتها بعد فضيحة احتجازه الحريري في السعودية.
إخوان اليمن: هم المثال الأخر، حلفاء لا يكفون عن إثبات ولاءهم للسعودية، وأحيانًا؛ لدرجة التماهي معها؛ لكنهم مع هذا في موقف لا يُحسدوا عليه، فبقدر نزوعهم الدائم للإنسجام مع الخط السياسي للمملكة، تجد المملكة تمعن في المكيدة لهم؛ فيتعرضون للشيطنة من قبل إعلامها وحلفاءها بشكل متصاعد وغير مسبوق، وتُبطن توجسًا دائمًا منهم. وكل ما نشاهده من حميمية شكلية بينهم، يمكن تسميته ب"حلف الضرورة" فهو مجرد تعاقد عابر، وتوقعوا اندثاره في أي لحظة، وإن لم يندثر سيظل مجرد واجهة شكلية، وستستمر المملكة في حصارهم على الأرض بكل الوسائل الممكنة..!
باختصار: الأمر ليس بريئًا قط، وبلا شك، فالاستعداء المتكرر والتعريض الدائم بحزب الإصلاح في وسائل إعلام التحالف، يُبطن رغبة صميمية في الخلاص منهم على المدى القريب وبالكثير المتوسط.
ويبقى السؤال الأهم، ما الذي يتوجب على الإصلاح فعله؛ لمدافعة حالة الشيطنة هذه والتخلص من السياسة التوددية تجاه أطراف يحالفهم؛ لكنهم ينبذونه ولا يكفوا عن النيل منه سرا وعلانية، وكل يوم يتجلى لؤمهم عليه أكثر من سابقه..!؟
الكرة في ملعب الإصلاح..ينقصنا شوية كرامة يا عم..!