إلى وقت قريب كان الكثيرون يعتقدون أن طول المعركة في اليمن نتاج تعقيدات جغرافية وسياسية داخلية وضغوط خارجية وأن إستعادة الشرعية ودحر الإنقلاب في أسرع وقت وبأقل كلفة حاجة ملحة للمملكة والامارات منعاً لأي اختراق ايراني للخاصرة الجنوبية للمملكة هذا الوهم تشربه اليمنيون ولا يزالون يعيشون نشوة سكرة حتى اليوم.
الحاصل أن تعداد اليمن السكاني وفقاً لنسبة النمو 3% المعلنة رسمياً في أخر تعداد سكاني رسمي عام 2004 ربما يتجاوز 40 مليون نسمة وبالتالي فهو سوق استهلاكي كبير جداً في ظل حصار إقتصادي خارجي عقد الوضع الاقتصادي داخليا واوقف دوران عجلة الاقتصاد محلياً مما دفع برأس المال للهروب إلى الدول المجاورة وبالإضافة إلى الثقافة المجتمعية الرافضة لفكرة النزوح خارجياً فضلاً عن القيود المفروضة على خروج اليمني أبقى الملايين في اليمن هذه والأعداد تمثل فرصة اقتصادية كبيرة للمملكة والإمارات.
ولأن المملكة والإمارات رأس حربة تحالف دعم الشرعية بينما البقية مجرد حضور شرفي لا أكثر، فقد ظهر للعيان أن فهمهم لإعادة الشرعية يختلف تماماً عن فهم اليمنيين وشرعيتم الذين يعيشون وهم المصطلح دون أن يعرفوا أبعاده ولا تفاصيله ولا حدوده ولا الزمان المخصص لهذا التحالف ولا توقيت إعادة الشرعية، ولهذا فخطأ الاعتقاد أن السعودية والإمارات حريصتان على إستعادة الشرعية ودحر الحوثيين في اليمن وفقاً لأجندات اليمن واليمنيين خطأ فادح سيترتب نتائج خاطئة، إذ الحقيقة الواضحة أن المصالح الإقتصادية للدولتين والمكاسب المتوخاة من يمنٍ ضعيف مهلل متناحر مناطقي وعرقي ومذهبي باتتا المتحكم الرئيسي بالمشهد والرئيس هادي والأحزاب الداعمة لشرعيته يعرفون تماما هذه اللعبة ولكن مع الأسف لم يحولوا هذه القضية الى استثمار لصالحهم من خلال وضع اليمنيين أمام هذه الحقيقة المرة والبحث عن تحالفات جديدة تعيد تصحيح مسار التحالف.
ما سبق ليس جديداً فعين الامارات على اليمن منذ وقت مبكر إذ بدأ منذ 2008 م لكنها تلقت ضربة موجعة 2013م عندما الغت ثورة 2011 اتفاقية إدارة موانئ دبي لميناء عدن الأهم على مستوى العالم ولهذا لبت طلبت المملكة بمشاركتها في الحرب في اليمن بسرعة فائقة من أجل العودة العودة الى اليمن ضمن التحالف العربي لم للإنتقام أولاً ولإستعادة مصالحها ثانياً وكان الاتفاق بينهم واضح منذ اليوم الاول ولا يزالون على ذلك الاتفاق حتى هذه اللحظة دون أن يتزعز أو يخرج عن مساره كما يتوهم البعض لقد استلمت الإمارات الموانئ والسواحل والجزر فيما تملكت المملكة اليمن ذو 40 مليون نسمة كسوق تجارية بمنفذ تجاري وحيد معبر الوديعة والطرفين يسيران بخطوات مركزة وقف أهدافهما.
ولهذا فحرص المملكة والإمارات على تقديم مصالحهم الإقتصادية في اليمن على حساب استعادة الشرعية والعمل على استقرار اليمن واستمرار الحرب ومعانات اليمنيين دفع للسطح بالخلافات بين دول التحالف من قطر الى الاردن الى المغرب والسودان واصبح التحالف عملياً بين المملكة والإمارات فقط .
كل ما سبق يؤكد أن إغلاق الامارات لكل الموانئ والمطارات ومنع البنك المركزي من أخذ زمام المبادرة في ادارة عجلة الاقتصاد وتغطية الاعتمادات الخارجية للتجار والحصار المفروض براً بحراً وجواً وقصف البنى التحتية ومنها مصانع الإسمنت واختلاق معركة في المهرة إنما هو باتفاق مع السعودية لترفع تكاليف الاستيراد ولتكون مصدرا وحيداً لذلك وبالتالي تتدفق التجارة عبر منفذ الوديعة فقط وهنا ترتفع صادرات السعودية الى اليمن عشرات الأضعاف مما كانت عليها وبالتالي عائدات مالية عملاقة بينما تظل موانئ الإمارات امنة مستقرة بفعل تعطيل موانئ اليمن.
*نقلا عن صفحة الكاتب بفيسبوك.