كل مرة تخرج الألسنة المدجنة لشتم ثورة 11 فبراير، وهي الثورة التي أتاحت لهم ممرا سهلا للوصول الى بعض الدوائر الحكومية بطريقة متسولة، وفي أكره المراحل وأقذرها.
تصطلي هذه الألسنة بنار الكراهية وتقف على الضد من أحلام الناس وأنبل اللحظات التاريخية في حياتهم، تارة بتحجيم "الثورة" وتشويهها ومحاولة اختصارها في قوى بعينها أو كيانات سياسية تعتبرها خصما أو تراها بنصف عين، وتارة بإحساس الناس أن "الثورة" خطأ وغلطة كبيرة يدفعون ثمنها من لقمة عيشهم واستقرارهم.
هذه اللعبة الخطيرة؛ غرضها إعادة الناس الى "الماضي" والترحم على أيام "صالح" باعتباره الزمن الجميل ومحاولة تجميل كلما له علاقة به وبعائلته وفلوله، وهي أفكار لا يمكن احترامها أو التعامل على أنها وجهات نظر حتى تستحق الوجود من أساسه.
يقال إن اللعب على احتياجات الناس؛ سلاح محرم سياسيا، لأن النتيجة دفع الناس الى المكان الخطأ، وتعريض أعظم اللحظات التاريخية في حياتهم "الثورة" للتشويه وتحميلها وزر ما وصلت اليه الأمور من احتراب وجوع ومآسي.
لا يدرك الناس العاديون من السياسة شيء سوى تأثيرها على ثمن الخبز والصحة والعمل وهذا أمر طبيعي، لكن لماذا لا يفهمون أن الخلل الاقتصادي، والإجراءات الواجب اتخاذها مسؤولية الحكومة، وحينما لا توجد حكومة لا تعرف دورها، ولا تعي الطريق لعبور الازمات، فليس من المنطق رد ذلك على الثورة.
يعرف الناس جيدا أن اليمن كانت تنام وتجثو على "مأساة كبيرة"؛ مهندسها وصانعها صالح ورجاله، وحينما أتت "فبراير" انفجرت هذه البالوعة ولم نستطع سدها لأن "صالح" أيقظ الوحش من بين أحضانه وأطلقه صوبنا فكانت النتيجة تحويل البلد إلى حديقة حيوان منزوعة الأبواب.
تذكروا.. من أعاق عمل المرحلة الانتقالية وزرع ألغامه في طريقها ومن خطط وتآمر وهندس للكارثة، وأتى بالحوثيين من الكهف لابتلاع الدولة وتفجير الحرب، ومن أيقظ الإرهاب وأطلق سمومه في الفضاء العام، ومن قال: " سأفتح جهنم عليكم أيها اليمنيون وستتقاتلون من باب الى باب ومن طاقة الى طاقة"، ومن قال ايضاً: "دقوهم بالقناصات" فتحقق له ذلك بقتل الآلاف وتحويل آلاف آخرين إلى معاقين ومشلولي أجساد.
هذه الشواهد والأدلة الجنائية لا تبدو مغالطات أو مبالغات في حق أسوأ رئيس في تاريخ اليمن.. إنها حقائق لا يستطيع المرجفون وأصاحب الألسنة المدجنة نكرانها أو غض الطرف عنها.
لا أحد قادر على تجاوز ثورة 11 فبراير أو العودة إلى ما قبلها أو محوها من الذاكرة.! ولا يستطيع مندوبي مبيعات النظام القديم ذر الرماد على العيون والبحث عن عكازات لمن وجدوا سيقانهم مرفوعة في الهواء بعد مقتل زعيمهم "صالح".
ستظل ثورة 11 فبراير بإنجازاتها وإحباطاتها وخيباتها وأملها حاضرة في المستقبل ومؤرقة ايضاً.. يبقى على من يجدوا أنفسهم مخلصين لها توعية الرأي العام بضرورة تحقيق العدالة الإنتقالية.. العدالة التي تستوعب الانفجار الذي خرج فيه اليمنيون في " 11 فبراير" مطالبين بدولة محترمة، يتحقق فيها العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.