لدينا رئيسُ كسول يحبُ العملَ في الظلّ، ويكره الأسفار، رجلُ إذا أقام في غرفةٍ واستطاب بها، يصعب اقناعه بتغيير السكن بسهولة، هذا سياسيّ غريب الأطوار يُشبه "هادي" رئيس أدمن حياة الغربة، ووجد فيها ملاذاً مريحاً، لقد منحه الجيران حجرة طيبة، فيها تمرُ وظلّ وماء من زمزم ودراهم غزيرة، شعر المشردُ بدفء المكان وعسلية الغربة، فنسيّ الفتى داره الأول، وبات من الصعب اغرائه بشيء كي يعود إلى بلده وينام على سريره القديم..!
في البداية فرّ الرئيس اضطراراً، لقد كان تائهاً ومهزوماً ولم يتوقع دورة ثانية يعاود فيها الحياة من جديد، كان محبطاً وحين منحته الأقدار حظاً جميلاً، أصابته غاشية وما زال دائخاً على إثرها حتى اللحظة..!
تخيلوا معي رئيس تعيش بلده في حرب طاحنة وشعبه شارف على الهلاك؛ لكنّ الرجل لا يكترث لكلّ هذا، فما زالت مواعيد نومه كما هي، يسهر طويلاً برفقة أغانيه المفضلة، وينام قربَ الفجر، وبالكاد يستيقظ قبيل الغروب، رئيس يملكٌ قلب بارد ودماغ كسول، أصابعه بطيئة الحركة، وفمه المكتظ بالأسنان يلخبط مخارج الحروف..!
رئيس يتحرك قلمه ببطء شديد، فما كان مطلوب منه عام 2015 ينجزه في 2017 وما هو مطلوب منه الآن علينا انتظاره سنتين كي يبت في الأمر، أيّ أن قرار عودته قد يحتاج سنتين كي يحسم أمره، هذا حالما فكر الرجل بالأمر بجدية، ما لم فلا تنتظروا عودة الرجل، فمن يستضيفونه مطمئنون لحال ضيفهم، يحبونه فاتراً وخاملاً كما يجب، يريدونه مستلباً ومسلوباً؛ كي يسهل تحركهم في دياره واعادة رسم خارطة البلد كما يشاؤون..!
هادي: رجل المهمات السهلة، عاش زمناً طويلاً كتابع يحب السير خلف اشارة محددة، ضابط اعتاد تلقي الأوامر، ولم يتصور أن يمنحه الزمن كرسيّ فخمة ويوكل إليه سلطة وقرار، ورغم مضيّ 5 سنوات على منحه خطام الناقة ما زال الفتى مرتبكاً ولم يستوعب أدواره الجديدة، وما زالت الناقة تائهة مثله والرجل يغطّ في سبات عميق..!
رئيسنا يا قوم جلده ناعم ورقيق، ولم يجرب يوماً تسلق الجبال ولا بمقدوره العيش في الصحراء، أقدامه رطبة لم تمسّها نار الرمال وصلعته حساسة تؤذيها شمس الشتاء، فلا تحملوا الرجل فوق طاقته ولا تطالبوه بما لا يقوى عليه، فلا أظنه يقبل بالعودة إلى مأرب ولا عدن، لقد نساها تماما، فدعوه يُكمل حياته في بيت الجيران، وتدبروا أمر بلدكم كيفما اتفق الرجال..!