يمكن وصف القرارات الهامة التي أصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي اليوم الأحد بأنها قرارات اللحظة الأخيرة، والتي ستسهم لا شك في تجنب الوقوع في مأزق تشظي السلطة وتشظي المشروعية، على ضوء الترتيبات الخطيرة التي يجري وضعها من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وبعض الشركاء في التحالف العربي.
هذا لا يعني أن التعيينات اصابت الهدف على مستوى اخيار الكفاءات، إذ أن هناك ممن شملهم التعيين يستحقون المناصب التي أسندت إليهم وبعضهم لا يستحقها، ولكن المهم هو أن تجري التعيينات، ولا تبقى هذه الفراغات التي ينفذ منها الانقلابيون في سياق مخطط الاستيلاء على السلطة والدولة.
حجم التحدي الذي أقدم عليه الرئيس وحكومته بهذه القرارات، يبدو كبيراً، خصوصاً ما يتعلق منها بإنهاء الهدنة الاقتصادية السيئة التي أبقت جزء مهماً من السيادة على الدولة بيد الانقلابيين من خلال الاستحواذ على المالية العامة، وقد رأينا أن محافظ البنك الحضرمي محمد عوض بن هُمام وهو يتحول إلى منافح عن الانقلابيين وخياراتهم، الأمر الذي وضع حداً للحياد المزعوم للبنك المركزي.
التحدي يأتي من أن الحكومة بهذا القرار سيتعين عليها أن تواجه إشكالية تأمين النفقات التشغيلية للجهاز الإداري للدولة، في حين من المؤكد أن المقر القديم للبنك المركزي في صنعاء ربما يأخذ طريقاً جديداً ومنفصلاً ما يعني أن تحدي السلطتين سيبرز هذه المرة بصورة أكبر مما كنا نراه في السابق وسيتعمق الشرخ على كافة المستويات، خصوصاً إذا تعطلت مفاعيل الحل العسكري.
هل نجحت الحكومة أخيراً في إقناع الغرب والمؤسسات المالية الدولية بهذا القرار أم أنها أقدمت عليه في سياق المعركة الوجودية التي تخوضها مع الانقلابيين وداعميهم في الداخل والخارج.
فإن كانت القرارات المتعلقة بالبنك المركزي قد اتخذت استناداً إلى إرادة شجاعة من الرئيس وحكومته فإن الأمر لا شك يرتبط بإرادة مماثلة من جانب التحالف، وهذا يعني أن الصراع في اليمن دخل مرحلة جديدة وشديدة الحساسية، وسط هذا الكم من التعقيد الذي تتورط فيه الأزمة اليمنية بسبب الأدوار المشبوهة لبعض الرعاة الدوليين والإقليميين.
أما التعديل الوزاري الذي شمل أقل قليلاً من ثلث الحكومة، والتعيينات في ثلاث مناصب إقليمية وهي أمانة العاصمة ومحافظتي الحديدة وشبوة، والتعيينات الجديدة في مجلس الشورى، فإنها في تقديريه تدخل في سياق ملء الفراغ وحضور الحكومة في كل المواقع التنفيذية للدولة.
وكذلك الحال فيما يخص التنقلات في المناصب الوزارية التي تمثل إعادة تدوير، وإعادة اكتشاف للكفاءات، لكن إقصاء وزير الأوقاف وإحالته إلى مجلس الشورى، ربما له علاقة بالارتباطات المباشرة للوزير فؤاد بن الشيخ أبو بكر بالتيار الصوفي الذي يتصدر الهجمة الشرسة الموجهة ضد المملكة العربية السعودية، والسلفية، خصوصاً وأنه اختار مكة المكرمة للإعلان عن ابتعاث خمسمائة خطيب وإمام مسجد للدراسة في الأزهر والذي دخل على خط استهداف السعودية، رغم الدعم السعودي لمشيخته.