من بين ركام الأزمات والحروب الداخلية العديدة، يبحث اليمنيون عن أي بصيص من الأمل لاستعادة الأمن والأمان الذي افتقدوه طوال أكثر من عامين من الحروب العبثية، التي ارتكبها أنصار الموت المتنقل في كل مكان.
بصيص الأمل الذي كان باقياً أثناء تواجد المفاوضين في الكويت لإنجاز اتفاق شامل، تبخر مع فشل المشاورات التي كان يراهن عليها الكثيرون في حدوث اختراق جدي للفشل الذي لازمها طوال الأشهر الماضية، وبالذات في سويسرا، بخاصة وأن الكويت رمت بثقلها لإنجاح المشاورات بشكل يليق بدورها التاريخي في المصالحات التي كانت تقوم بها بين شطري اليمن خلال الحروب والنزاعات الماضية، خاصة في سبعينات القرن الماضي، عندما كانت قوات النظام الجنوبي على أبواب العاصمة صنعاء.
يعلم اليمنيون أن التقاتل لم يجلب للبلاد إلا الخراب والدمار، وقد جربوا خلال العقود الماضية كل الحلول العسكرية لحل أزماتهم، إلا أنهم لم ينجحوا فيها، فقبل إعلان دولة الوحدة العام 1990، فشل الشمال والجنوب في حسم الصراع بينهما، وخاضا حروباً داخلية عدة لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم، وبعد الوحدة شن الرئيس السابق علي عبدالله صالح حرباً مجنونة على الجنوب، الذي ذاق مرارة هذه الحرب ودفع أبناؤه ثمناً باهظاً لمشروع مدمر قاده صالح شخصياً انتقاماً لخيباته في المواجهات مع النظام في الجنوب قبل الوحدة.
ونفسه صالح خاض ست حروب دامية مع جماعة الحوثي في صعدة وعمران، سقط خلالها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى من الأبرياء في صفوف الجيش والمواطنين، ثم انتهى به المطاف إلى التحالف معها، وهذه المرة انتقاماً من شباب ساحات الثورة الذين شكلوا العمود الفقري لثورة فبراير/ شباط من العام 2011.
لم يتعلم صالح من دروس الحروب المدمرة التي خاضها خلال فترة حكمه الممتدة ل 33 عاماً، وقد تعهد في مهرجان انتخابي له عام 2006 بالقتال من نافذة إلى نافذة إذا لم يجر إعادة انتخابه، مع أنه استخدم حينها كل إمكانات الدولة وأجهزتها، ومن بينها الجيش لضمان عودة انتخابه من جديد.
اليوم تتحقق «نبوءة» صالح على الأرض، فقد أشعل ومعه الحوثيون، الأرض اليمنية كلها بحروب داخلية، وصار الناس يبحثون عن بصيص من الأمل للخروج من دوامة العنف التي طالت الشجر والحجر في كل منطقة، من الشمال وحتى الجنوب، ومن الشرق حتى الغرب، وبينما كانت الحروب السابقة محصورة في مواقع جغرافية محددة، فإن الحروب اليوم تتمدد إلى كل بقعة، وحتى الريف دفع في هذه الحرب المجنونة ثمناً غير هين، بعدما وصل الانقلابيون إلى كل قرية حاملين معهم معاول الخراب والدمار.
بصيص الأمل في استعادة اليمن لعافيته يكمن في وقف جنون الحرب الدائرة في كل مكان والبحث عما يوحد الناس ويجمع كلمتهم بعد أن أكلت النيران الأخضر واليابس ومزقت مشاعر الناس ونسيج البلد الاجتماعي.
نقلا عن الخليج الاماراتية