من تابع الزيارة القصيرة التي قام بها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر، قبل يومين إلى محافظة مأرب، شرقي العاصمة صنعاء، والخطاب الذي ألقاه أمام حشد من السياسيين والقادة العسكريين، يستشف طبيعة التعقيدات التي تواجه الأزمة القائمة في البلاد، فالرئيس هادي جدد موقف الشرعية الرافض لخريطة طريق قدمها مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ، من المقرر مناقشتها في الكويت في الخامس عشر من الشهر الجاري.
رفض هادي للخطة المقترحة يأتي بعد أيام من تصريحات مماثلة أدلى بها رئيس الوفد المفاوض باسم الشرعية، وزير الخارجية عبد الملك المخلافي، تعرض فيها لأول مرة إلى اهتزاز ثقة الحكومة بالمبعوث الدولي، بعد تقديمه الخطة، وبعد يوم واحد فقط من لقاء جمع الأخير بالرئيس هادي في العاصمة السعودية الرياض.
مرتكز هادي في موقفه الرافض لخطة ولد الشيخ أنها تنتقص من المرجعيات الثلاث المعترف بها دولياً، بل وتتجاوزها، بخاصة في ما يتعلق بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني، وهي مرجعيات تم الاتفاق عليها من قبل الأطراف المتحاورة قبل الوصول إلى الكويت.
بحسب المعلومات المتداولة تجاوز المبعوث الأممي المرجعيات الثلاث ، التي تنص على إنهاء مظاهر الانقلاب أولاً ثم البحث في صيغة تشكيل حكومة شراكة للأطراف كافة، بأن قدم تشكيل الحكومة على إنهاء مظاهر الانقلاب، التي تشمل الانسحاب من المدن وتسليم السلاح ومؤسسات الدولة إلى الحكومة، ما يعني تسليماً بطروحات وضغوطات الانقلابيين الذين سيدخلون الجميع في متاهات تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي بفرض الأمر الواقع والحوار لعدة أعوام حول الانسحاب من المدن وتسليم السلاح المنهوب من معسكرات ومخازن الجيش وتسليم مؤسسات الدولة بشكل كلي إلى الحكومة الشرعية.
من الواضح أن سيناريو كهذا لم يجد القبول من الرئيس هادي، ولهذا أعلن من مأرب رفضه لخطة ولد الشيخ، وجدد عزمه على اقتلاع الانقلاب بقوة السلاح، والذي تزامن مع تحشيد للقوات العسكرية على حدود صنعاء الشرقية، بخاصة نهم، التي وصلتها عشرات الآليات العسكرية خلال الأيام القليلة الماضية في مؤشر على جدية الشرعية في التعاطي العسكري مع الأزمة في حال أصر ولد الشيخ على خطته ولم يقم بتعديلها.
مع ذلك فإن الضغوط العسكرية في نهم لا تعني اتخاذ قرار الحرب بشكل حاسم ونهائي، فمثل هذا القرار لن يكون سهلاً على الشرعية، التي تدرك أن اقتحام العاصمة واستعادتها بالقوة سيكلف الناس الكثير، خاصة أن الانقلابيين لا يأبهون للضحايا الذين سيسقطون من جراء المعارك، كما أن المخاوف من عدم السيطرة على الوضع بعدها لها ما يبررها، إذ إن معركة صنعاء لو تمت ستؤدي إلى كوارث كبيرة خاصة إذا لم يتم تأمين دور القبائل في المعركة، كما حدث عند دخول الحوثيين العاصمة في سبتمبر/ أيلول من العام 2014، حيث كان للحزام القبلي المحيط بصنعاء الدور الأكبر في سقوطها، وهو نفسه يمكن أن يلعب دوراً في استعادتها.
نقلا عن الخليج