محزن المآل الذي بلغته النخبة الثقافية والسياسية اليمنية التي كانت متربعة على العرش في العشرية الاولى من قرننا هذا.
حاوِلوا ان تستعيدوا في أذهانكم اسماء وصور تلك الاصوات ذكورها وإناثها ممن شغلوا الحيز الكامل في الصحف ووسائل الإعلام في تلك الحقبة وانظروا اين وصل بهم الحال.
غربة وتشرد وتيه.
لا اقصد بذلك المعنى المكاني فهذا مصير مشترك سببته الحرب. فمن تشرد وتاه ومنهم من ينتظر.
لكني اقصد دلالات على صعيد الموضوع والهوية.
معظم -وليس كل- نجوم تلك الحقبة اصبحوا بلا ملامح ولا معالم . ولأنهم كذلك فانهم بلا قضية ولا موضوع.
استنزفتهم تلك العشرية تماماً وحصرتهم في قضايا وقنوات النضال والتنوير المرحلية فيه. جاءت ثورة 2011 وتجاوزتهم وقذفت بهم جانبا وصنعت نجومها ثم أحرقتهم لاحقا.
بالنسبة لمناضلي العشرية الاولى
لم تكن ثورة على مقاسهم ولا مخيلتهم . هذا طبيعي .
في الحقيقة كانوا يقرأون من كراساتهم لا من الواقع.
ثم دلفوا على عالم وسائل التواصل الاجتماعية وانكشف الوعي وتعروا. سقطوا في وحل المشاريع التمزيقية. ما ان تفجرت حرب اهلية في 2014 حتى اصبح اكثرهم سلاليا او جهويا ومناطقيا مثيرا للاشمئزاز.
خانتهم البلاغة وفقدوا البيان.
منشوراتهم اصبحت سبابا واستفزازا. يبحثوا عن كل ما يثير. وضعوا انفسهم في مقام نجوم اللحظة المؤثرين وهبطوا إلى أساليبهم: استفزاز واثارة انتباه مرة بالجسد ومرة بالمعتقد، بالمختلف والحاد.
هذا جيد بشرط ان يكون قائما على تأمل وتأصيل ، عن وعي وتفلسف عن ربط سياقي عن تاريخانية طالما وهو قادمة من نخب.
لكنه في حالتهم مجاني ، سطحي ، ومبتذل وبلا جذور ودون افق.
تكشف الايام انهم توقفوا عن الفهم واحجموا عن الاطلاع والقراءة. تعالوا على المعرفة التي كانت سلطتهم .
ها هم يركضون في كل الاتجاهات يجرون وراءهم اواني معدنية فارغة هي وهم التفوق والمفهومية. هذا الصخب هو ضجيج القدور والأكواب المعدنية التي تركض خلفهم لا اكثر.
لا تبغضوهم .
هم يستحقون الإشفاق والتعاطف. فقط
من يمنحهم خارطة العودة إلى الدرب ؟