من يصدق أن الانتخابات الرئاسية في إيران، سواء فاز بها محافظ أو إصلاحي، يمكن أن تغير شيئًا في السياسة الإيرانية.
هناك صراع يتسم بالثبات النسبي بين الإصلاحيين والمحافظين، لكن الكلمة الفصل في إيران هي للمرشد الأعلى علي الخامنئي، فهو المسيطر على مفاصل السلطة في البلاد، يوجه السياسات، ويخطط وفقًا لرؤيته الخاصة، ويقرر في ملفات الاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية والأمن والإعلام والقضاء والمجالس الرقابية. هذا ليس سرًا، فقد بات العالم كله يعرف ذلك.
فهل يجوز لنا أن نقول، مثلًا، أن هناك صراعًا خفيًا بين اتجاهين سياسيين في إيران؟ الأرجح أن ذلك سؤال لا محل له عند الحديث عن إيران، فالسلطة الحقيقية بيد المرشد.
بات واضحًا أن إيران، الدولة الأكثر تعقيدًا في المنطقة، تسعى إلى تثبيت نفوذها في الجغرافيا القريبة منها وفي العالم أيضًا. فقد وسعت نفوذها الإقليمي من خلال أذرع عسكرية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وذهبت أبعد من ذلك لضرب خصومها في حدودهم الاستراتيجية وتأمين مصالحها بشكل أو بآخر..
تبدو محاولات خفض التوتر عمومًا بين إيران وخصومها غير قابلة للتحقق بسرعة بسبب اندلاع أزمات أكبر. فالولايات المتحدة الأمريكية، ورغم الجهود الدبلوماسية الهادفة لإحياء الاتفاق النووي ورغم الاتفاق الأخير مع طهران، فإن ذلك لا يعبر عن تغيير جذري في السياسة الأمريكية التي تنظر إلى إيران كتهديد رئيسي في المنطقة. إذ تدرك الولايات المتحدة تمامًا أن سعي إيران لإبرام الاتفاق جاء بسبب الضغوط الاقتصادية الهائلة والعقوبات التي أجبرتها على التفاوض.
أما الوساطة الصينية بين طهران والرياض، فقد كان لها بعض الفضل في تخفيف التوتر بين الطرفين في ملفات كثيرة، بينها اليمن، لكن من الصعب أن تؤدي إلى تسوية شاملة بسبب جذور الصراع الممتدة وبسبب تطلعات الجميع للنفوذ والهيمنة.
والسؤال هو: هل يبدو أن إيران تقترب من فضاء السياسة أم أنها تتخذ من خفض التوترات مدخلًا لتخفيف الضغوطات عليها فقط؟ وهل انخراط طهران في السلام يتوقف على تغير النظام أم أن ذلك يمكن أن يحدث الآن فعلا؟ وهل الإقليم والمجتمع الدولي لديهما قناعة بأن إيران يمكن أن تكون لاعبًا سياسيًا مقبولًا في العالم؟ ثم ما مصير الاتفاقيات التي تعقدها إيران مع أمريكا ودول الإقليم مع تجدد الصراعات التي تبدو أنها جزء منها؟