منذ بداية الحرب في اليمن احتفظت العاصمة العمانية مسقط بكونها الملتقى الأهم لكل الأطياف اليمنية والمكونات على اختلاف توجهاتها، باعتبارها جار جغرافي قريب لليمن، وباعتبار العلاقات التاريخية، وكذلك باعتبار دورها الدائم كوسيط في قضايا عديدة.
هذا الأسبوع، ولأًول مرة التقى طرفان يمنيان الحوثيون والحكومة اليمنية، وبينهم أعضاء من التحالف العربي، للنقاش حول مسألة الأسرى والمختطفين خلال الحرب، وهم بالآلاف، على أمل أن يكون اللقاء في مسقط وبرعاية الأمم المتحدة، قادرا على حلحلة هذا الملف الإنساني المهم، الذي سيكون مؤشرا مهما من مؤشرات الحل لو صدقت نوايا المتحاربين.
استضافت عمان منذ سنوات طويلة الوفد الحوثي المفاوض برئاسة محمد عبد السلام، وعملت خلال السنوات الماضية على حلحلة بعض القضايا، وكان من بينها اتفاق الهدنة الأخير عام الفين وواحد وعشرين، ومن بين بنود الاتفاق فتح مطار صنعاء، وتصدير النفط من الموانئ اليمنية، وتوحيد العملة، وصرف مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين، في مناطق الحكومة الشرعية والحوثيين، وكذا فتح الطرقات في تعز، وبقية المناطق، بالإضافة إلى إطلاق سراح الأسرى وغير ذلك.
ورغم أن الهدنة كانت هشة ولم تطبق الكثير من بنودها، إلا أن الكثيرين اعتبروا ذلك إنجازا مهما، خاصة ما يتعلق بمعاناة المواطنين.
دور مسقط في اليمن أثار الكثير من الأسئلة حول ما وراءه، وخاصة ما يتعلق بكون مسقط عاصمة سياسية ينطلق منها الحوثيون لأداء أدوارهم السياسية.
فهل تتمكن مسقط مع شركاءها من تبديد كل الشكوك، من خلال إيجاد حل ولو جزئي ينهي الأزمة في اليمن، أم أن الحل مازال في يد اليمنيين وحدهم فحسب؟
وهل دور عمان مازال مقتصرا على الحفاظ على مصالحها الحيوية باعتبار قربها الجغرافي من محافظة المهرة، تحديدا وشعورها بالخطر من أدوار جيرانها هناك؟
وإلى أي مدى ستكون قادرة على الحفاظ على دورها كوسيط نزيه، وكفاعل استراتيجي في منطقة الصراع المؤثرة عليها؟
لاشك أن الأدوار التي تقوم بها عمان عليها ظلال من الأسئلة، وخاصة من قبل من لا يرون دورها خالصا لوجه السلام فحسب.
لكن في الأول والأخير فقد كان دورها مهما في ظل الصراعات والتجاذبات التي طبعت السنوات السابقة من الحرب!، فهل نرى إنجازا يمنيا جديدا من مسقط، أم أن التعقيد في اليمن سيظل مستمرا.