22 مايو حلم كل اليمنيين بكل فئاتهم وتوجهاتهم، ناضل من أجله الأدباء والمفكرين والساسة، بل حلم فيه جل الشعب من فلاحين وموظفين وعمال وطلاب، حلم فيه الرجال والنساء وكل طبقات المجتمع، وفرح لأجله كل العرب وباركه العالم.
يوم مجيد في تاريخ اليمن استلهم أهداف الثورة الأم 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر.
كان اُمنية وحلم الجنوب والشمال ولأجلها حلم الفلاح وكتب الاديب وخطط قادة الفكر والاقتصاد والسياسة وتغنى فيها الشعراء وقيلت فيها المهاجل والأهازيج.
نعم حلم عظيم تجرعه الاطفال مع حليب امهاتهم وتحقق بجهد جمعي ولحظة تاريخيه كان لها صناع بطول البلاد وعرضها وكان لها قادة يجب الاعتراف بدورهم الرائد. نعم الوحدة كانت وستظل قيمة ومصلحة مجتمعية عظيمة للأفراد والمجتمع.
مهما قيل عن سلبيات الممارسات الا انها لا تنقص من قيمة الإنجاز وتحقيق الحلم، الخطاء في الممارسات لا ينقص من نبل الأهداف والغايات العظام ولا يقلل من قيمة ومكانة الحدث في العقل الجمعي للمجتمع ولا يقلل من حجم المنجزات في المجالات كافة. كانت هناك أخطاء ادارية وفنية واقتصادية لكن ذلك ليس مسوغ لإنكار عظمة الحدث ودور صناعة وحجم الانجازات الكبيرة برغم كل الظروف، كل ذلك لا يبرر الدعوة للعودة الى المربع الأول بل يعزز التوجه نحو تصحيح مسار وتصويب اخطاء ممارسات وتجاوزات فردية او غيرها، لا خيار للجميع الا شراكة ومشاركة في صناعة مستقبل يمن جمهوري ديمقراطي اتحادي يقبل الجميع بلا طائفية أو فئوية او سلالية او مناطقية.
لعل النظر اليوم بعد 34 سنة الى مسار الوحدة أمر غاية في الأهمية. ليس ترفًا الحديث عن الوحدة في ظل الواقع الأليم وفي ظل هذا السواد الذي يغطي البلاد من حروب وازمات وفقر وامراض وجهل وتعقد الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأفراد والمجتمع.
ان وقفات الشعوب الكبرى تستحق كل تقدير واحترام وتلمس مكامن القوة ومثالب الضعف والنكوص.
بالتأكيد أن تغيير صيغة نظام الحكم من الدولة البسيطة الى المركبة سيعمل على إعادة توزيع السلطة والثروة بصورة أكثر عدل (خاصة لمناطق الثقل الاقتصادي ومناطق الصراع العسكري لصالح الاستقرار والسلم المجتمعي شريطة ان تبنى المكونات وفق فلسفة ورؤية واضحة).
بل ان معادلة الصراع على السلطة المركزية ستتغير باعتبار أن الثقل سيصبح بالإقليم. وعلينا الاعتراف ان المرحلة قد خلقت عداوات وانقسامات ورسخت قناعات جديدة في عدد من المناطق في اتجاه مضاد لقيم الوحدة لكن الحقيقة التي لا مفر منها تقول لا مخرج للجميع الا بالوحدة والدولة الوطنية (وفق صيغة جديدة)، التجارب العالمية تؤكد نجاح وفعالية الدولة الاتحادية وخاصة في تلك البلدان التي عانت من صراعات ونزعات انفصالية.
انها مناسبة لنقول، لا يمكن لليمن الاستغناء عن محيطه الاقليمي الخليجي والدعم الدولي بل لا يمكن ان نتحدث عن تنمية اقتصادية ونهوض دون دعم المحيط الاقليمي الخليجي وخاصة السعودية باعتبارها جار وحاضنة لأكثر من مليون يمني ومركز ثقل اقتصادي وسياسي عالمي وتعيش نهضة تنموية متكاملة غير مسبوقة ممكن ان توفر فرص لليمنين أكثر بصور متعددة وخلق فرص تشارك مستدام.
سيكون غدًا أفضل إذا رأينا تحول الحديث من السياسة والصراع والحرب الى حديث عن التعليم والاقتصاد وعن التنمية بمكوناتها، سيكون غدًا أفضل إذا رأينا اليمني يتكلم عن فرص التدريب والخدمات الاجتماعية أكثر من السياسة والكسب السياسي هل ذلك ممكن؟ نعم ممكن وممكن جدا.