بعد مرور مئة يوم من ملحمة الفداء كتب الفلسطينيون بدمائهم في السابع من أكتوبر عهدا جديدا من عهود الفداء الفلسطيني والتضحية لم يكتب مثل هذا الفصل منذ خمسة وسبعين عاما وهو دليل على قدرات الشعب الفلسطيني وتأكيد على حقه في أرضه وترابه وتخيل معي.
لوقيل لك قبل مئة يوم من الآن إن المقاومة الفلسطينية تمكنت في السابع من أكتوبر 2023م بأكثر من ألف مقاتل مهاجمة غلاف غزة واختراق الحاجز الإسرائيلي الأمني القوي والمحصن بكل أدوات التحصين الأمني والعسكري في ظل سبات إسرائيلي في غفلة أجهزة الاستخبارات وتدمير أهم الفرق العسكرية الإسرائيلية والعودة لغزة ،لقلت أن ذلك شي ء من الخيال لكنك بعد مئة يوم شاهدت ذلك العرض الرهيب بالطائرات الشراعية فجر السابع من أكتوبر والهجوم البري ولم يكن خيالا ورأيت رأس إسرائيل وهو يداس تحت أقدام المقاومة وشاهدت نتنياهو وهو يبكي لبايدن (هاجمونا ياجو)وبعد مئة يوم شاهدت بأم عينيك وليس سماعا من أحد أن إسرائيل وأمريكا فشلت وعجزت عن ضرب المقاومة وقدراتها وآن آلة المقاومة مازالت تعمل وتؤثر وأن إسرائيل تستغيث.
لوقيل لك قبل مئة يوم أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من أسر المئات من الجنود الإسرائيليين خلال اقل من ساعة من بدء عملية طوفان الأقصى وأنها احتفظت بهم مئة يوم رغم كل محاولات إسرائيل الإفراج عنهم لقلت إن ذلك مستحيل .
لكنك رأيت بأم عينيك أن ذلك حقيقة وأن الإحتلال الإسرائيلي مسجون في غزة يحاول أن يفرج عن أسير واحد من أسراه الجنود ولكنه لم يستطع وأن المقاومة رغم كل وحشية الإحتلال مازالت تفرض شروطها وتواجه وتحتفظ بالأسرى رغم كل الطائرات المسيرة والتجسسية التي أطلقتها أمريكا وبريطانيا لمساعدة إسرائيل فإن تلك الجهود لم تفلح.
لوقيل لك قبل مئة يوم أن مئة ألف شهيد وجريح بينهم عشرات الآلاف من النساء والأطفال سقطوا في غزة ودمرت منازلهم فوق رؤوسهم ودمرت المستشفيات وأماكن اللجوء وأن ذلك كان على الهواءمباشرة لكن الأمة العربية والإسلامية لم تحرك ساكنا سوى البعض و أن مصر لم تفتح معابرها لدخول الغذاء والدواء وأن دولا عربية تآمرت مع أمريكا لصالح دعم إسرائيل في وقت يموت فيه الآلاف لقلت إن ذلك مبالغ فيه ولكنه حدث فعلا فبينما كانت إسرائيل تقتل المدنيين في أول شهر انعقدت قمة عربية إسلامية واحدة ولم تعقد أي قمة بعدها ولم تفعل الدول العربية والإسلامية شيئا وتغافل الكثيرون عما يحدث هناك .
لو قيل لك قبل مئة يوم أن دولة جنوب أفريقيا رفعت قضية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بينما تقف الدول العربية متفرجة وصامتة وشامتة لقلت أن ذلك لن يحدث .
لكنه حدث فبينما وقف العرب يتآمرون قامت جنوب أفريقيا الدولة البعيدة عن منطقتنا برفع قضية ضد إسرائيل وشاهدت قضاتها ومحاميها ووزير عدلها وهم يتبنون قضية الفلسطينين الأبرياء في غزة بكل ثقة واقتدار ومعرفة ويتهمون كيان الاحتلال بالفصل العنصري والإبادة الجماعية.
لو قيل لك قبل مئة يوم أن هناك قسم كبير من المثقفين العرب وقفوا ضد المقاومة وضد الفلسطينيين وأصبحوا أكثر صهينة من الصهاينه أنفسهم بينما وقف مئات من الناشطين والمثقفين في أمريكا والغرب وقفة نبيلة مع القضية الفلسطينية ومع عشرات الآلاف من الضحايا التي أبادتهم إسرائيل لماصدقت لكن ذلك حدث بالفعل ورأيت بأم عينيك وعيا شعبيا مختلفا يؤازر القضية الفلسطينية .
لو قيل لك قبل مئة يوم أن رئيس أكبر دولة في العالم وقف ببلاهة يردد أكذوبة الرضيع الذي قطع رأسه من قبل المقاومة ثم خرج البيت الأبيض أكثر من مرة يصحح أخطائه لما صدقت .
ولو قيل لك أن وزير خارجية أكبر دولة في العالم ذهب إلى إسرائيل متضامنا معهم قائلا أنا يهودي ولن أنسى أحزان جدي لماصدقت أيضا لكن ذلك حدث بالفعل ولو سمعت أن دولة ما في المريخ وليس على الأرض اعترضت على وقف إطلاق النار لمنع قتل آلاف المدنيين أمام العالم كله لا لماصدقت لكن هذا حدث فعلا .