الشاعر الذي وحد اليمن بأصوات المطربين، من عدن ولحج وحتى صنعاء وصعدة كتب للأرض والإنسان، بقصائد غنائية بديعة سافر بارواحنا إلى عدن.. "عدن عدن ياريت عدن مسير يوم، وأخضر جهيش مليان حلا عُديني، بكَّر غبش شفته الصباح بعيني" ، وفوق بئر الماء تدفق الشاعر الجابري وتدفقت مشاعرنا معه شلال حب وعشق "ياصباب فوق البير ماء والدنيا غبش من يسقي في الهوى قلبي ويروي لي العطش."
ولم تتوقف روحه الهائمة عن التحليق في فضاءات الحب والعشق فقد طار بنا نحو البعيد" طائر الأشجان مايبكيك في تيك الرُبى من لوعك.."
فتح قلبه للضوء فسال الشجن ملء قلوبنا المتعبة وقد انهكها الانتظار " ايش معك تتعب مع الأحباب يا قلبي وتتعبنا معك لا الضنا يروي ضما روحي ولا الدنيا بعيني توسعك لامتى شاصبر وانا اجري وراء حبك اطيعك واتبعك.."
وعند وداع حبيبين في القرى كانت تلتمع قصيدة الجابري بصوت أيوب "خُذني معك ويا حبيبي شتبعك.. خذ من عيوني ما تشا شافديك بروحي يارشا ..."
عاش أحمد الجابري بعيدا عن التكريم واوسمة الزيف بعيدا عن اهتمام السلطات والحكومات المتعاقبة، لكنه كان حاضرا بكلماته في رسائل العشاق والمحبين في سفرنا وبوحنا في القرى والمدن وعلى ضفاف البحر في لحظات الغروب.
نذر الشاعر احمد الجابري عصارة روحه للوطن الكبير حين أشعل القناديل في ضلوع البلاد لمن كل هذي القناديل لمن لمن لأجل اليمن..." وحين تتكالب الظروف وتزدحم صدورنا بالعواصف كان هو لسان حالنا واحاسيسنا .." أشكي لمن وانجيم الصبح قلبي الولوع لا ذقت راحة ولا جفت بعيني الدموع."
كان وكان وكان،و كم هو مؤسف" حين يموت الشاعر ينتبه الناس "
عقود من الإبداع الشعري والأدبي التي أثرى بها المكتبة الوطنية؛ عاشها الشاعر العملاق احمد الجابر حتى توفاه الله عاشقا محبا للأرض ناسكا في محراب القصيدة الغنائية اليمنية غير مكترثا للأيام والغربة التي عاشها بقوله :"ضاعت الأيام من عمري سدىً..ضاعت وعمري ضيعك".
رحمة الله تغشى شاعرنا الكبير احمد الجابري واسكنه فسيح جناته، ولا عزاء لكل مسؤول كان له القرار والسلطة.. ولم يولي الاهتمام والرعاية والدعم لهذا الشاعر ومثله الكثير .