بعد خطاب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية جوزيب بوريل عن بناء أوروبا لحديقة ممزوجة من الحرية السياسية والازدهار الاقتصادي والتماسك الاجتماعي ، مشيرا إلى البعض الذين يشكلون شبه غابة تتربص بغزو الحديقة داعيا البستانيين إلى حماية الحديقة ، سارعت الإمارات ممثلة بوزارة الخارجية والتعاون الدولي إلى الرد على هذه التصريحات واصفة إياها بالعنصرية ، بالرغم من أن بوريل لم يذكر الإمارات من بعيد أو قريب .
فلماذا إذا أثارت تصريحات بوريل الإمارات دون غيرها من دول العالم ولماذا سارعت إلى استدعاء سفير الاتحاد الاوروبي في الإمارات وتقديم احتجاج رسمي يتهم بوريل بأنه يثير العنصرية ؟ الجواب بكل بساطة ، أن الإمارات وعلى قاعدة كاد المسيء أن يقول خذوني ، ترى نفسها أنها شبه غابة من الاسمنت تعيش عقدة نقص أمام الحدائق الطبيعية ، لذلك اعتقدت أن جوزيب يخاطبها هي وليس سواها .
لم يكن خلق مليشيات في اليمن وتسليحها سوى حلقة من فكر الأدغال الذي يهيمن على عقلية حكام الإمارات الذين يمارسون توسيع الأدغال على حساب الحدائق ، فبناء المليشيات في اليمن هي إحدى الوسائل المباشرة للأدغال ، وما رأيناه من تجريف للبيئة في سقطرى يوازيه تجريف للمكونات السياسية يكشف في جوهره عما تعرضت له الحديقة الديمقراطية في اليمن على يد أدغال الإمارات ، فدعمها للمليشيات على حساب الدولة تكريس لثقافة الأدغال التخريبية .
ولست بحاجة إلى التذكير بما قامت به هذه الدولة من تدمير لحدائق عدة في تونس وليبيا وسوريا ومصر وذهابها للتطبيع مع الكيان الصهيوني على حساب فلسطين والفلسطينيين ، فكل ذلك جزء مما أشار إليه بوريل من الحدائق المبنية من مزيج الحرية السياسية والتماسك الاجتماعي ، كان بإمكان الإمارات أن تسعى إلى إصلاح جامعة الدول العربية بدلا من التطبيع مع الكيان الصهيوني وتفعيل الجامعة أسوة بالمنظمات الإقليمية الأخرى ، لكن ثقافة الأدغال تريد الحدائق مجرد هياكل بلا فاعلية .
سوف نحكي للعالم عن مخططات الإمارات التدميرية لحديقة اليمن ، وسنقول للعالم كيف أسست أدغال من المليشيات بدلا عن التعددية الحزبية والسياسية وكل همها أن تقوم هذه الأدغال بغزو الحديقة وتدميرها وتدمير الدولة في اليمن ، وسنحكي للعالم بأن غابة الاسمنت في الإمارات قد قضت على البستانيين في اليمن واستبدلتهم بمليشيات غزت الحديقة ودمرت الجدار العالي من الديمقراطية الذي كان يحمي تلك الحديقة .