مع مرور كل يوم تتكشف معلومات إضافية عن حجم التعقيدات السياسية والعسكرية في الملف اليمني، حيث يدور صراع مسلح بين قوات الجيش الوطني، المدعوم بمقاومة شعبية، في مختلف مناطق اليمن، وتلقي هذه التعقيدات بثقلها على الحوار الجاري في الكويت منذ الثاني والعشرين من شهر إبريل/ نيسان الماضي.
الأزمة في اليمن لا تتعلق فقط بالانقلاب الذي نفذه الحوثيون ضد الشرعية في البلاد عام 2014، بمساعدة واضحة من الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بل بإرث طويل من النزاعات السياسية تمتد ليس فقط إلى حقبة الرئيس عبد ربه منصور هادي، بل وأيضاً إلى عهد الرئيس السابق، سواء أثناء حكمه لشمال اليمن، الذي استمر لمدة 12 عاماً، وهي فترة ما قبل إعلان دولة الوحدة عام 1990، أو ما تلاها، وهي أزمات ظل صالح يرحل حلولها حتى تجمعت دفعة واحدة، وباتت تشكل اليوم قنبلة موقوتة في مفاوضات الكويت.
اليمنيون يدركون أن المفاوضات هي آخر أمل لهم في عودة الأوضاع إلى طبيعتها، وبالطبع في حدودها الدنيا، ذلك أنهم يدركون أن حل المشاكل لا يمكن أن يتم بعصا سحرية، فالاحتقان السياسي بين القوى والأطراف المختلفة قائم منذ عقود، وردم الهوة بينها يبدو مستحيلاً في مثل هذه الظروف، حيث المواجهات العسكرية لا تزال على أشدها في مختلف جبهات القتال في الداخل، بخاصة في نهم، بالقرب من العاصمة صنعاء، وشبوة، والمحسوبة على المناطق الجنوبية، حيث يحافظ الحوثيون وجماعة الرئيس السابق علي عبد الله صالح على بعض الجيوب فيها.
يحاول الحوثيون ومعهم صالح، الحفاظ على المكاسب العسكرية على الأرض، لأن ذلك يمنحهم أوراقاً إضافية على طاولة المفاوضات السياسية في الكويت، وبالتالي يسعون جاهدين لإعادة ضبط الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل تقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في أكثر من جبهة، بخاصة في منطقة نهم.
وحدها تعز تبقى نقطة ضعف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، فالحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق يرغبون في إبقاء هذا الملف مشتعلاً، والدليل على ذلك أن التهدئة التي تم الإعلان عنها منذ العاشر من إبريل/ نيسان الماضي، لم تحظ تعز بها، حيث استمر الحوثيون وجماعة صالح في العبث بالمدينة ورفض فك الحصار المفروض عليها منذ إبريل عام 2015، وارتكاب المجازر فيها كان آخرها أمس الأول حيث قتل في مجزرة الباب الكبير أكثر من 30 شخصاً وجرح عدد آخر منهم.
ويبقى السؤال قائماً حول ما إذا كانت المفاوضات ستفضي إلى حل نهائي في اليمن، أم أنها ستكون محطة أخرى من محطات الصراع، كما حدث عام 1994 عند توقيع وثيقة العهد الاتفاق في العاصمة الأردنية عمان، حيث اندلعت الحرب بعد شهرين من توقيعها.
ومع اختلاف الظروف في الحالتين، إلا أن الآمال معقودة على مرحلة جديدة من الحلول السياسية، حيث تضغط أطراف إقليمية ودولية لإنجاز حل يعيد الأوضاع إلى سابق عهدها، ولو أن ذلك سيحتاج لكثير من الوقت والجهد معاً.
نقلا عن الخليج