لا أشعر أن الحظ حالف الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن منذ تسلم هذه المهمة وأقول مهمة لأن مايحدث منذ تكوين المجلس الرئاسي يدل على أن المجلس في مهمة معروفة محددة سلفا.
بالتأكيد فإنه يدرك ذلك غير أن لديه الكثير من الأسباب للإستمرار في موقع كهذاوبعضها قد تكون بالنسبة له ولكثيرين منطقية.
أعرف العليمي منذ التقينا لأول مرة في إدارة أمن محافظةتعز عندما عين مديرا لها في نهاية التسعينيات وقد كان يتابع الصحافة والشأن الثقافي وهو مالا يتحلى به الملتحقون بالسلك الأمني والعسكري ولن أدخل في تفاصيل تلك الفترة ففيها من اللغط والكلام الكثير.
كنت حينها في بداية العشرينات ولي حضور مميز في الصحافة الثقافية وخصوصا وفي الشعر عندما كانت صحيفة الثقافية ترسلنا إلى كل مكان في اليمن.
ولأني وحتى هذا اليوم لا أطور علاقاتي في هذا الإتجاه مع العسكريين والأمنيين وحواليهم عن قصد وعمد عدا مايتعلق بمتابعاتي الإخباريةوأحمد لنفسي تلك العادة فلم ألتق الدكتور رشاد العليمي سوى في العام 2009 م و2010م ربما قبل أوبعد في إفطار رمضاني عقده لمراسلي وسائل إلإعلام الخارجي عندما كان وزيرا للداخلية في عهد علي عبدالله صالح وناداني العليمي من بعيد وقال لي (ياشلفي هدأ الأمور شوي )وهو يقصد عملي في قناة الجزيرة الذي كان يزعج السلطات وهي دعوة تلقيتها باحترام رغم عدوانية السلطات الشديدة آنذاك والحقيقة فلم أشعر سوى أن الرجل كان يسدي نصيحة أكثر من أي شيء آخر.
مع ذلك فتحفظاتي منذ تلك الفترة وحتى اليوم على رجال الأمن والعسكريين ومن والاهم وبصم لهم بالعشر ماتزال قائمة فهؤلاء في زمن الإستبداد قبل الثورات وأثناءها وبعد الثورات المضادة كانوا أدوات المستبدين وقفازاتهم أيا كان اتجاههم أوثقافتهم فهم عبيد مأمورون ويطورون مهاراتهم ما استدعى ذلك .
لاأريد أن أكتب ردحا ولامدحا ولاقدحا في العليمي فقد التقيته مؤخرا في مقر إقامته أثناء زيارته العاصمة القطريةالدوحة وهو رجل يحترم نفسه ويحترم الآخرين واعتذر مديرمكتبه الدكتوريحي الشعيبي بلباقة عن إجراء لقاء تلفزيوني وتحدثنا قليلا فيمايزيد عن ساعة إلا أنه يمكنني أن أكتب عن ذلك اللقاء في وقت آخر ففيه من الكلام الكثير.
غير أن خلاصة اللقاء وهذا استنتاج صحفي وليس ماقاله لي حرفيا أوحت لي بأنه يشعر بأنه جاء في الوقت غير المناسب.
ويمكن وضع عدة خطوط حول المناسب فلا الزمن مناسب ولا الإجراء مناسب ولا الحلفاء مناسبون المهم أنه جاء في الوقت الخطأ أو هكذا شعرت كاستنتاج من المقابلة به منفرداوللقاء على غداء في فندق الشيراتون بالدوحة .
يتباهى المنتمون لمحافظة تعز وأنا من المنتمين إليها وأحبها لأنها البدايات لي في كل شيء وليس لأسباب مناطقية ،يتباهون بكون العليمي من تعز لأن السلطة عادت إليها وأنا أمقت هذه النغمة في هذه الحالة وفي غيرها فما وصلت إليه اليمن الآن ليست سوى تراكمات مناطقية ومؤامرات جرها هذا الداهم المناطقي الذي أفضى إلى هذه الحروب المستعرة التي حولت اليمن إلى كتلة من نار تتقاذفها القوى الإقليمية والدولية.
في تاريخ الرؤساء والزعماء اليمنيين أزعم ويزعم كثيرون مثلي أن القاضي عبد الرحمن الإرياني وقد قرأت ذلك في مذكراته وشهادات الآخرين عنه مثل حالة فريدة من الرؤساء اليمنيين الذين مثلوا هوية اليمن قبل رئاسته وأثناءها إذكان حريصا كل الحرص على مسألة السيادة والقرار مع المصريين والسعوديين بعد ثورة سبتمبر وكان له آراء في الدولة والقبيلة رغم الظروف الصعبة آنذاك .
العليمي أكثر من يعر ف ذلك وله رأي في فترة القاضي الرئيس عبدالرحمن الإرياني بأنها من أفضل الفترات التي عرفتها اليمن.
تذكرت ذلك الأحد الماضي وأنا أتابع التعيينات التي صدرت ومن بينها تعيين رأفت الثقلي محافظا لسقطرى وهو رجل متهم بالإعتداء على قوات الجيش والأمن وسلب مقار الدولة، قلت لأحد الأصدقاء إن صداعا لازمني لساعات بعد هذا القرار .
أدرك تماما أن رشاد العليمي ومجلسه الرئاسي في مهمة مرسومة ومحددة ،ومنطق الأشياء يقول إن البداية الخطأ تنتهي بشكل خطأ وأن الآمال والتوقعات من وضع خاطئ هي بيع للوهم لا أقل ولا أكثر،نعلم جميعا ذلك لكن حتى التبعية والاستلاب تحتاج لخطة وتحتاج لقليل عقل وتفكير فماحدث في هذا التعيين شائن وهو يجعلنا ننظر بشفقة لمن وضعوا أنفسهم في هذا المأزق الصعب كمنفذين لمهام دول تقهر اليمن واليمنيين.
العليمي الإكاديمي ورجل القانون ورجل الدولة وحتى رجل الأمن يعلم تماما أن تعيين رجل متهم بالإعتداء على الأمن والجيش ومؤسسات الدولة والسطو عليها وقتل رجال الأمن هو جرم وعمل غير قانوني يدين من أصدره أكثر من أي جهة أخرى لكن ماحدث يدل على أن قرار اليمنيين مختطف وأن القادم رهيب.