لأول مرة منذ عملي الصحفي في تعز قررت الذهاب إلى قرية الشقب في مهمة صحفية، وقرية الشقب الى جانب قرى اخرى كانت قبل الحرب تعتمد وبدرجة رئيسية على مديرية دمنة خدير كسوق وشريان حيوي، يستمد سكان هذه القرى _الواقعة في أقصى البوابة الجنوبية لتعز _من سوق دمنة خدير ومراكزها الصحية كل ما يحتاجون إليه ،وبعد الانقلاب عمدت مليشيات الحوثي على إحكام الحصار وتفخيخ المنافذ والطرق المؤدية إلى القرية ومنفذ دمنة خدير.
آبار المياه على قلتها هناك مليئة بالألغام وحصدت أرواح الكثير ،والأراضي الزراعية التي كان يعتمد عليها السكان في دخلهم مليئة بلألغام كذلك ،القناصة ينتشرون في كل مداخل القرية، وعلى خطوط التماس تتمركز معدات المليشيا الثقيلة لتمطر القرى بالقذائف التي سببت رعبا وحالات نزوح إلى أين ..الى المجهول ،،بعد هذا الحصار الخانق بات على سكان هذه القرى أن يجتازوا طريق وحيد يربطهم بمدينة تعز وهو طريق وعر جدا وملئ بالمنحدرات والصخور التي تعترض المركبات.
منذ سنوات تحاول الدكتور خديجة عبد الملك لفت أنظار المنظمات وفاعلين الخير لهذه القرى والتي لم تصلهم اي منظمات دولية حتى الآن.
شاهدت جهد الدكتورة في محاولات منها لاستجلاب فاعلين الخير لتعبيد الطريق الذي أصبح كابوسا يؤرق سكان قرية الشقب والقرى المجاورة ورغم ذلك لايزال الطريق يحتاج الكثير والكثير جدا لفعله .
كابوس حينما تضطر امراءة على وشك الولادة أن تمر عبره فينتهي بها الحال إلى الموت قبل أن تصل إلى مشافي المدينة ،،الكابوس حينما يفكر اي مريض تستدعي حالته الصحية نقله إلى مشافي المدينة الف مرة قبل اتخاذ ذلك القرار الصعب ،،سيخبرونكم الأهالي هناك عن حالات الولادة التي انتهت إلى موت الجنين و كانت بسبب وعورة الطريق ومشقتها ،،عن حالات النزيف التي انتهى بها الحال إلى الوفاة على جنبات الطريق ،،سيخبرونكم الأهالي هناك كم هم محتاجين إلى دخول منظمات دولية تتلمس حاجياتهم ،،عن صعوبة إدخال اسطوانة غاز أو أي مواد غذائية ،،سيلفت انتباهك هناك اعداد الحمير الكثيرة والتي باتت تلبي جزء بسيط جدا من حاجيات بعض الأسر هناك إذ ليست كل الأسر تملك الحمير ،،.
يعيش سكان قرية الشقب والقرى المجاورة وكأنهم خارج نطاق الجغرافية خارج نطاق الحياة .
إنها مأساة مركبة فرضتها الحرب والحصار والإهمال الحكومي والإغاثي .
مأساة غابت من على موائد صناع القرار ومهندسي السياسيات الدعائية .
أنقذوا قرية الشقب