يرقص الانتقالي على حافة الهاوية ويقتضي من جميع الفرقاء تحمل مسؤولياتهم والتصرف بما تقتضيه المصلحة الوطنية،مالم فالبديل هو كارثة لن يدفع الانتقالي ثمنها بمفرده ، بل سيدفعها اليمنيون جميعا، فالمسكنات لم تعد تجدي وعدم المصارحة سيجعلنا في مواجهة نازيين في اليمن يكرروا ما حدث في ألمانيا، فقد تابع الجميع ذلك النازي وهو يجوب شوارع عدن محرضا على طرد الشماليين من عدن مهددا من يتستر عليهم سينال عقابه،وقد ذكرنا هذا النازي بمحاكم التفتيش التي مورست ضد المسلمين في الأندلس.
والسؤال الذي يطرح نفسه : ماقيمة الاتفاقات التي وقعت مع قيادات الانتقالي المنفصلة عن الواقع، هذه القيادات تزعم أنها تريد استعادة دولة الجنوب، لكن هناك بون شاسع بين الدولة التي يريدونها ودولة الجنوب، فدولة الجنوب كان اسمها جمهورية اليمن الديمقراطية والدولة التي يريدونها اسمها دولة الجنوب العربي، جمهورية اليمن الديمقراطية كانت ذا وزن في الحرب الباردة وكانت دول الخليج تتمنى مجرد زيارة من قيادات هذه اادواة، بينما قادة الانتقالي تنقلوا في الوظيفة من إيران إلى السعودية والإمارات، جمهورية اليمن الديمقراطية كانت تناضل من أجل الوحدة ودولة الجنوب العربي تناضل من أجل الانفصال، دولة اليمن الديمقراطية كانت تنشد السيادة والكرامة بينما دولة الجنوب العربي تطلب العبودية والتبعية لدى دويلة أقدم معلم تاريخي فيها هو سروال المؤسس.
كان من المفترض أن تكون مشاركة الانتقالي في المجلس الرئاسي وحكومة المناصفة دافعا لتعديل سلوكه، لكنه من الواضح لا يعمل من أجل القضية الجنوبية التي يرفع شعارها كذبا وزورا، لأن القضية الجنوبية كانت مطروحة كمظالم واستحقاق في السلطة، فماذا بعد أن أصبح الجنوب ممثلا بكل السلطة في فترة هادي وبنصفها في فترة العليمي ،لكن بدلا من ذلك نجده أداة طيعة بيد الإمارات التي تسعى إلى تمزيق اليمن وتفتيتها.
يجب مصارحة السعودية والإمارات بتغيير نهجهما في اليمن، فليس من المنطقي أن تذهبا إلى تشكيل مجلس رئاسي بهدف تصحيح وضع الشرعية، ثم توعز إلى مليشياتها بتعطيله، إلى متى ستظل السعودية تصور نفسها على أنها جاءت لمساعدة الشرعية، لكن ممارساتها على الواقع يقول غير ذلك؟
إن تجاهل الخطاب الانفصالي سيجعل عدن تنفجر في وجه الجميع، وإصرار السعودية والإمارات على تعطيل اتفاق الرياض يؤكد أن البلدين تصران على اصطحاب اليمنيين في جولة جديدة من القتل والتدمير والإقصاء والجوع والفساد وإلقاء البلد في قبضة الحوثيين ومن ثم في يد إيران.
أي ضحالة سياسية وسقوط أخلاقي ذلك الذي وقعت فيه السعودية والإمارات في ترك مصير المجلس الرئاسي بيد مليشيات انقلابية كانت تبرر انقلابها بأنه ضد عجز الشرعية وضد الإرهابيين كما كانت تزعم، لكن الشرعية اليوم جاءت وفق رغبة هذين البلدين وخارج سياق الدستور ومع ذلك بدلا من أن تساعدها في الحصول على التفاف شعبي وجماهيري تحاول إظهارها وكأنها عاجزة عن إدارة المؤسسة العسكرية والأمنية.
أخلص إلى القول إن المجلس الرئاسي شكل باسم الجمهورية اليمنية وأن عدن هي عاصمة الجمهورية اليمنية وهي ملك لكل اليمنيين ويجب على المجلس فرض ذلك وبالقوة، وإذا كان عيدروس الزبيدي ومن معه يصرون على مشروع الانفصال، فعليهم أن ينسحبوا من المجلس ويذهبوا إلى تحقيق مشروعهم وفق قوانين الشرعية الدولية وعبر الطرق المؤدية إلى ذلك، فعدن لم تسجل باسم الانتقالي حتى يمارس بلطجته فيها متجاوزا بقية الجنوبيين أولا وكل اليمنيين ثانيا، نحتاج إلى قادة شجعان يتحملون مسؤليتهم الوطنية، ولم يعد يفصلنا عن عيد الوحدة الوطنية سوى ثلاثة أيام وهو اختبار حقيقي للمجلس الرئاسي، إما أن يكون ممثلا للجمهورية اليمنية أو يكون ممثلا لهويات صغرى خارج الهوية الوطنية.