أنا لست من أنصار المؤامرة ، لكنني من أنصار قراءة المعطيات وتحليلها ، فلو وقفنا أمام أيهما أهم ، ضرب شركة أرامكو النفطية ، أم ضرب صهاريج نفط في أطراف مطار أبو ظبي ، لوجدنا أن شركة أرامكو أهم بكثير من ضرب صهاريج النفط الإماراتية ، لكن ردود الأفعال المبالغ فيها تجاه الإمارات ، تجعلنا نتوقف أمام صناعة هذا الحدث بالتواطؤ بين الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ومعهما إيران لنقل عناصر القوة من يد المملكة العربية السعودية إلى يد الإمارات .
الضربات استهدفت صهاريج نفطية في مطار أبو ظبي ، لكنها كانت على مقربة من قاعدة الظفرة الأمريكية ، ولم يحدث ذلك ردة فعل أمريكي ، لأن الضربة متفق عليها ودور الحوثي يكمن في تبنيها ، لأنه من غير المعقول أن تكون الإمارات التي زودت رئيس الوزراء الأثيوبي بأحدث الطائرات المسلحة من دون طيار التي قلبت موازين الحرب في أثيوبيا ، غير قادرة على قلب الموازين في اليمن عن طريق تزويد الشرعية اليمنية بذلك وفتح جميع الجبهات المغلقة .
الإمارات انتزعت الملف العسكري في اليمن من السعودية وهي تسعى إلى ترتيبات أمنية جديدة في اليمن تفتح باب التفاوض السياسي بموازين جديدة تكون للإمارات اليد العليا فيها ، لذلك لجأت مع شركائها من الإسرائليين والإيرانيين والأمريكيين إلى افتعال الصواريخ والطائرات المسيرة ، لكي يتم المقايضة بها مقابل الترتيبات الأمنية المطلوبة .
الإمارات هي حلقة الوصل بين إسرائيل وإيران ، فهل يعقل أن تطبع إسرائيل علاقتها مع الإمارات وتصبح على حدود إيران ولا تقوم إيران بمهاجمة الإمارات التي لا تبعد عنها أكثر من 160 كم2 ؟ وهل يعقل أن يكون من باب الصدفة أن تكون شركتا " بارتيا كارجو ودلتا بارتس اللتان تعملان في الإمارات وتقدمان الدعم المالي والمادي والتكنولوجي للحرس الثوري الإيراني ، هاتان الشركتان فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليهما .
وإذا ما ربطنا بين إعلان سعد الحريري انسحابه مع تيار المستقبل من المشهد السياسي والانتخابي بسبب تمدد النفوذ الإيراني وانهيار الدولة ، لأقرينا حينها بأن محور إيران يتمدد ومحور السعودية ينكمش ، وهو ما يؤكد إعطاء الدور للإمارات وتقويض السعودية ، ولمن يريد مزيد من المعلومات حول العلاقة بين إسرائيل وإيران فعليه أن يقرأ كتاب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكنز ، تريتا بارسي في مقدمة كتابه ، التحالف الغادر : التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأمريكية ، وسيجد أن همزة الوصل بين هذه الأطراف هي الإمارات .
والسؤال الذي يطرح نفسه : إذا كان الحوثيون وراء هذه الضربات حقيقة ، فإن ذلك وصمة عار في وجه الإمارات اللتي تمنع الشرعية اليمنية من الحصول على السلاح لمواجهة الحوثي الذي يمتلك هذه الترسانة من الأسلحة ، لكن أي عار تخشاه الإمارات التي استقبلت الرئيس الإسرائيلي في أبو ظبي ومنعت طائرة الرئيس اليمني الذي جاءت لنصرته من الهبوط في مطار عدن ؟ وأي عار تخشاه وهي التي تفتخر بتطبيع علاقتها مع إسرائيل في حين تعادي الشرعية اليمنية التي جاءت لنصرتها ؟
خلاصة القول إن الطائرات الورقية التي سقطت على أبو ظبي ، هدفها تسريع صفقة الطائرات أف - 35 وأسطول طائرات رافال الفرنسية وإلا ما قيمة هذه الطائرات إذا كانت الطائرات الورقية تحدث كل هذه الأضرار ؟ ولماذا رفض ترامب الرد على هجمات إيران على شركة أرامكو وهو الصديق الشخصي للنظام السعودي ، بينما تحركت أمريكا وإسرائيل والجامعة العربية للوقوف إلى جانب أبو ظبي وأعلنت إيران استعدادها للوساطة بين الحوثيين ودول الخليج ؟ ألا يدل ذلك على أن رأس السعودية هو المطلوب ، وأن انسحاب الحريري وتيار المستقبل من المشهد السياسي والانتخابي يعد خير دليل على ذلك ؟