في الوقت الذي كان المبعوث الأممي يقدم إحاطته لمجلس الأمن ووزير الخارجية ورئيس مجلس النواب يطوفان في دول الاتحاد الأوروبي بحثا عن السلام ، كانت عصابة الحوثي الإرهابية تقصف ميناء المخا بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة ، وتعتقل المزيد من اليمنيين والدفع بهم إلى القتال في جبهة مأرب ، نحن أمام عطب شامل في الأبنية والسياسات التي انقلبت ، فلم تعد ترى في العدو الغاصب المحتل للسلطة عدوا ، وبدلا من مواجهته يستجدون منه السلام ، والذي نعرفه وتعرفه كل الأمم ، أن السلام لا يستجدى ، ومن يستجديه لا يحصد غير المذلة والإذعان .
في الوقت الذي يواصل وزير الخارجية ورئيس مجلس النواب التمسك والرهان على نهج المفاوضات مع عصابة الحوثي الإرهابية ، تواصل هذه العصابة إجرامها بحق الشعب اليمني ، بل وتجدد عطشها لسفك المزيد من الدم اليمني ولا زال طارق صالح يواصل الصمت وعدم الرد ، رغم إقدام هذه العصابة على استخدام القوة وقصف ميناء المخا بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة ، فهذه العصابة لا تعترف بأية حقوق وتتعامى عن كل الاتفاقيات والقوانين والنصوص الدولية .
الباحثون عن السلام مع عصابة الحوثي الإرهابية يغردون خارج الزمان والمكان بكل ما فيهما من مرارة قاسية ، ويقفزون فوق حقائق الواقع ويحلقون في أجواء من الرومانسية التي تسبح فوق الغيم ، محاولين إقناع أنفسهم بأنهم سينجزون سلاما مع هذه العصابة ، ويتصورون بأنها ستجنح للسلام ، على الرغم من أن المعطيات الملموسة وغير الملموسة ، تثبت العكس تماما ، فلحوثيين يجنحون نحو العنصرية الفاشية ، وهذا ما لا نقوله نحن ، وإنما تعكسه النتائج المتصاعدة لممارسة هذه العصابة .
يركز وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك في جولته الأوروبية بحثا عن السلام من خلال المفاوضات والمفاوضات فقط ، لكنه يغفل استثنائية العدو على صعيد كل العنصريات التي اغتصبت إرادة شعوبها ، كل تلك العنصريات لم تفهم سوى لغة واحدة هي لغة القوة المعززة بالقانون الدولي والشرعية الدولية ، التي كانت وراء تخلي تلك العنصريات عن عنصريتها ، وإذا كانت تلك العنصريات لم تفهم سوى لغة المقاومة ، فكيف بهذه العصابة الإرهابية التي تزعم أنها تمثل ظل الله في الأرض وتحمل توكيلا من النبي محمد ؟
من يتحدثون عن السلام مع عصابة انقلبت على الدولة واغتصبت السلطة باسم الله وميراثا من النبي محمد يساون بين الشرعية والانقلاب ويدخلون اليمنيين في العبودية كافة ويسقطون القرارات التي أكدت عليها الشرعية الدولية وأكد عليها الشعب اليمني ، فأي سلام هذا الذي لا يفرق بين حق الشعب اليمني في حكم نفسه وبين الإرهاب الحوثي المدان في كل الشرائع السماوية والقوانين والأعراف الدولية ، بل إن عصابة الحوثي العنصرية هي أبرز أشكال الإرهاب في العالم .
لقد تحول وزير الخارجية ورئيس مجلس النواب والشرعية كلها إلى حمائم سلام يجوبون العالم ويروجون له ، بينما عصابة الحوثي ترد عليهم بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة ، ولن ينسى الشعب اليمني خطيئة ستوكهولم التي تبين بعد ما يقرب من ثلاث سنوات خواء من راهنوا عليها ، وأن أكبر هجوم على مأرب كان بعدها ، وأكبر عدد من المعتقلين ، وهدم البيوت ومصادرة أموال الناس تم في زمن ستوكهولم ، وأنها لم تأت بالسلام ، بل جاءت بالمليارات لعصابة الحوثي الإرهابية ، التي تواطأت معها الأمم المتحدة في سرقة فرع البنك المركزي في الحديدة .
لقد اصطف مجلس النواب والحكومة ومجلس الشورى وقادة الأحزاب السياسية جميعهم في صف واحد يتصارعون على من يمتلك مفتاح السجن ، الذي يعاني فيه الشعب اليمني مرارة الانقلاب منذ العام 2014 ، ويصر هؤلاء على المضي قدما خلف دعوة الإدارة الأمريكية إلى وقف الحرب في اليمن ، ويعتقدون أن أمريكا سترعى السلام في اليمن ، لكنهم يجهلون أن خبرة أمريكا في رعاية البقر لا ترعى سوى مصالحها ، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة .