منذ أيام بثت قناة الجزيرة الإخبارية فيلما وثائقيا يفضح نية الإمارات متمثلة في أولاد زايد، وبخاصة: محمد بن زايد ومن على خطه وتوجهه من إخوانه، بعمل فيلم هوليودي يسيء لقطر، وبخاصة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، وأنه داعية تحريض.
هذه الكره والبغض من أولاد زايد ينطلق من قلوب مملوءة بالحقد على كل رمز إسلامي لا ينضوي تحت عباءتهم، ولا يخضع لسلطتهم، ومنذ أحداث سبتمبر وشر أبناء زايد، وإمارات الشر كما يحلو للبعض إطلاق الاسم عليها، وحربهم على القرضاوي لا تنقطع، لم يتركوا فرصة لإيذائه وتشويهه خليجيا وعربيا وعالميا إلا واستغلوها، رغم أن الإمارات ظلت لفترة طويلة قبل هذا العداء، تتواصل مع القرضاوي، وتفخر به كشخصية علمية وسطية.
فقد نشرت مجلات الإمارات الدينية مقالات للقرضاوي، بدءا من مجلة (منار الإسلام)، والتي كانت تضع مقالات، وحواراته موضع الصدارة فيها، وكذلك المجلات التي ليست ذات توجه ديني، مثل: زهرة الخليج، حتى كتبت سناء البيسي مقالا تمتدح فيه فكره وعلمه، وكان هناك مقال ثابت له في المجلة، كانت الصحفية القائمة على المقال، تتصل كل أسبوع وتلح في طلب المقال، وهو غالبا مقال كنت أقوم أثناء عملي في مكتب الشيخ، بانتزاعه من أحد كتبه.
وعندما أرادت الإمارات أن تقدم نشاطا إعلاميا يجذب الجمهور العربي المسلم عبر قناتها: أبو ظبي الفضائية، بحثت عن شخصية شهيرة تقدم برنامجا دينيا، كانت وقتها قناة الجزيرة تقدم برنامج: (الشريعة والحياة)، والذي يطل منه القرضاوي أسبوعيا مساء كل يوم أحد، فأرادت أن تستنسخ برنامجا لديها، فطلبوا من القرضاوي وكان في زيارة لمصرف أبو ظبي الإسلامي، أن يقدم برنامجا في تلفزيون أبو ظبي، واعتذر الشيخ، وألح عليه عبد الله بن زايد وقتها، معبرا عن أن هذه الأمنية هي مطلب من أهل الإمارات، ومع كثرة الإلحاح لم يجد الشيخ بدا من الاستجابة، وكان يحل ضيفا على برنامج أسبوعي مساء كل يوم سبت، يحمل اسم: (المنبر).
وظل القرضاوي لسنوات يذهب بعد خطبة الجمعة في مسجد عمر بن الخطاب إلى أبي ظبي، أو يسافر صباح السبت، ليقدم البرنامج مع مذيع إماراتي، ثم يعود لقطر صباح الأحد ليقدم في المساء الشريعة والحياة على قناة الجزيرة، ويقيم في جناح مخصص له من الإمارات، حتى قال كثير من المقربين من القرضاوي: يبدو أن الإمارات تريد أن تجنسه بجنسيتها.
بعد ذلك قامت الإمارات بمنح القرضاوي جائزة (شخصية العام الإسلامية)، بعد أن منحتها للشيخ الشعراوي، والشيخ أبو الحسن الندوي، وقد استضافته في تكريم الشيخين ليلقي بكلمة احتفاء بهما في حفليهما، وقامت بتمويل بعض مشاريع القرضاوي الدعوية والعلمية، ثقة فيه، وفي وسطيته وسماحته.
وعندما فكر القرضاوي في إنشاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عرضه على دولة قطر ليقوم على أرضها، واعتذر وقتها أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ثم عرض المشروع على وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد، وطلبوا نسخة من المشروع، وقمت بإرساله لوكيل وزارة الخارجية.
وعرض القرضاوي كذلك مشروعا مهما على الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهو: مشروع رعاية الموهوبين، وبالفعل وافقت الإمارات على المشروع، وتم تخصيص قطعة أرض يقام عليها برج ليكون وقفية ينفق ريعها على المشروع، وقدم القرضاوي تصورا عن المشروع.
ذكرت هذه التفاصيل ليعلم القارئ كيف كانت الإمارات تسعى وراء القرضاوي، مؤمنة بمشروعه الفكري الوسطي، فرحة بدعوته لكل محفل على أرضها، من أكبر قياداتها الحاكمة، ومن كل إماراتها، بدءا من أبي ظبي، وانتهاء بسابع إمارة فيها.
ثم جاءت أحداث سبتمبر، وفوجئنا بتوجه غريب للإمارات، ومع القرضاوي تحديدا، فبادرت الإمارات بمنعه من دخول أراضيها دون سابق تنبيه، فقد كان في زيارة لمؤتمر، فوجئ بمنعه، وقد تعجب ضابط المطار، وتوقع أن خطأ ما حدث، ولذا كاد أن يدخله، ثم اتصل بقياداته الأمنية فأكدوا له صحة الأمر.
ولم تتوقف الإمارات منذ ذلك اليوم، من تسليط كتابها وإعلامييها من التطاول على الشيخ، وتناوله بالإفك والافتراء، مما جعله يرفع دعوى قضائية، وحكمت المحكمة له بتسعة ملايين ريال غرامة على الصحيفة والصحفي المتطاول.
ثم بدأت الإمارات في الكيد بالسوء للقرضاوي، في كل مشروع علمي أو دعوي أسسه القرضاوي، فبعد أن أسس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وبعد أن رأوا مواقف الاتحاد من ثورات الربيع العربي، فقاموا بتأسيس مجلس حكماء المسلمين، واستقطبوا بعض أعضاء الاتحاد العالمي للكيان الجديد، ولم نر لهذا الكيان حتى الآن موقفا مع الشعوب المظلومة، أو ضد الحقوق المهضومة، أو المظالم التي تملأ عالمنا العربي والإسلامي، والتي تقف وراء معظمها الإمارات، وبخاصة محمد بن زايد.
لم يفعل القرضاوي شيئا يعاب عليه، سوى أنه قام بواجب الدعوة إلى الله، لم يتغير منطقه، ولم يتغير منهجه، القرضاوي كما هو، لكن الذي تغير هو ظهور الصهاينة العرب في بلادنا، وسقوط الأقنعة التي كانت ترتديها أنظمة وقيادات، وليس المقصود بالهجوم هنا شخص القرضاوي، بل منهجه وفكره الوسطي، ولذا وقف بن زايد يدعم الصوفية الخرافية، ويحارب بكل ما أوتي خبث ومكر كل داعية أو عالم أو دولة تقف مع الشعوب المسلمة ومظالمها.
ولو صحت تهمة التحريض هنا فهي تنطبق تماما على ابن زايد وإخوانه من شركاء الغدر والمكر، بل يتعدى التحريض إلى التنفيذ، وكلما رأينا مصيبة في الأمة الإسلامية، إلا وجدناه ضاربا فيها بسهم في ظهر الأمة، وما وجدنا معركة بين الشعوب والحكام الظلمة، أو أعداء الأمة، إلا وجدناه في الطرف المعادي للأمة، وكل يوم تتكشف مؤامرة من مؤامراته، وحقد من أحقاده التي لا ينتهي، ينفق المال للإفساد، (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة) الأنفال: 36.